وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: عدَّةُ المُستحاضةِ لا تَخلُو: إما أنْ يَكونَ لها حَيضٌ مَحكومٌ به بعادَةٍ أو تَمييزٍ، أو لا تَكونَ كذلكَ.
فإنْ كانَ لها حَيضٌ مَحكومٌ به بذلكَ فحُكمُها فيه حُكمُ غيرِ المُستحاضةِ إذا مرَّتْ لها ثَلاثةُ قُروءٍ فقدِ انقَضتْ عدَّتُها، قالَ أحمَدُ: المُستحاضةُ تَعتدُّ أيامَ أقرائِها التي كانَتْ تَعرفُ، وإنْ عَلِمتْ أنَّ لها في كلِّ شَهرٍ حَيضةً ولم تَعلمْ مَوضعِها فعدَّتُها ثلاثةُ أشهُرٍ، وإنْ شكَّتْ في شَيءٍ تربَّصَتْ حتى تَستيقنَ أنَّ القُروءَ الثلاثَ قد انقَضتْ.
وإنْ كانَتْ مُبتدأةً لا تَمييزَ لها أو ناسِيةً لا تَعرفُ لها وَقتًا ولا تَمييزًا فعَن أحمَدَ رِوايتانِ:
إحداهُما: أنَّ عدَّتَها ثَلاثةُ أشهُرٍ، وهو قَولُ عِكرمةَ وقَتادةَ وأبي عُبيدٍ؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ أمَرَ حمْنَةَ بنتَ جَحشٍ أنْ تَجلسَ في كلِّ شَهرٍ ستَّةَ أيامٍ أو سَبعةً، فجعَلَ لها حَيضةً في كلِّ شَهرٍ تَتركُ فيها الصلاةَ والصيامَ ويَثبتُ فيها سائرُ أحكامِ الحَيضِ، فيَجبُ أنْ تَنقضيَ به العدَّةُ؛ لأنَّ ذلك مِنْ أحكامِ الحيضِ.