للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ رُشدٍ : إنما كَرِهَه مَخافةَ أنْ تُدخلَ على نَفسِها ضَررًا بذلكَ في جِسمِها.

أما إذا شَربَتِ المَرأةُ دَواءً لأجْلِ تَعجيلِ الطُّهرِ مِنْ الحَيضِ -كما لو كانَ عادَتُها أنْ يَأتيَها الدمُ ثَمانيةَ أيامٍ فاستَعملَتْه بعد إتيانِه ثَلاثةَ أيامٍ فانقَطعَ- فإنه يُحكَمُ لها بالطهارةِ.

وأما إنْ شَربَتْ دواءً لأجْلِ تَعجيلِ نُزولِ الحَيضِ قبلَ وَقتِه فقدْ صرَّحَ المالِكيةُ بأنَّ النازلَ غيرُ حَيضٍ وأنها طاهرٌ، ولا تَنقضِي به العدَّةُ ولا تَحلُّ للزَّواجِ، وتُصلِّي وتَصومُ؛ لاحتِمالِ كَونِه غيرَ حَيضٍ، وتَقضِي الصومَ دونَ الصَّلاةِ احتِياطًا؛ لاحتِمالِ أنه حيضٌ (١).

أما الشافِعيةُ فالظاهِرُ عندَهم الجَوازُ -واللهُ أعلَمُ-، فقدْ قالَ النَّوويُّ : ولو شَربَتْ دواءً للحَيضِ فحاضَتْ لم يَلزمْها القضاءُ، أي قَضاءُ الصَّلواتِ، وكذلكَ لو شَربَتْ دَواءً وألقَتْ جَنينًا ونفَسَتْ لم يَجبِ القَضاءُ على الصَّحيحِ؛ لأنَّ ترْكَ الصلاةِ في حقِّ الحائضِ والنُّفساءِ عَزيمةٌ (٢).

فدَلَّ كَلامُه على أنه لا يَحرمُ عليها شُربُ دَواءٍ لجَلبِ الحَيضِ.


(١) «مواهب الجليل» (١/ ٣٦٥، ٣٦٦)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ٢٦٨، ٢٧٠)، و «منح الجليل» (١/ ١٦٦).
(٢) «المجموع» (٢/ ٤٧٩)، و «روضة الطالبين» (١/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>