للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُرءًا، فلو طلَّقَها وقد بَقيَ مِنْ قُرئِها لَحظةٌ حسَبَها قُرءًا، وهذا قَولُ كلِّ مَنْ قالَ: «القُروءُ الأطهارُ» إلا الزُّهريَّ وحْدَه قالَ: تَعتدُّ بثَلاثةِ قُروءٍ سِوى الطُّهرِ الذي طلَّقَها فيه، وحُكيَ عن أبي عُبيدٍ أنه إنْ كانَ جامَعَها في الطُّهرِ لم يَحتسبْ ببَقيَّتِه؛ لأنه زَمنٌ حُرِّمَ فيه الطلاقُ، فلَم يحتَسبْ به مِنْ العدَّةِ كزَمنِ الحَيضِ.

ولنا: إنَّ الطلاقَ حُرِّمَ في زَمنِ الحَيضِ دَفعًا لضَررِ تَطويلِ العدَّةِ عليها، فلَو لم يحتَسبْ ببَقيةِ الطُّهرِ قُرءًا كانَ الطلاقُ في الطُّهرِ أضَرَّ بها وأطوَلَ عليها، وما ذُكرَ عن أبي عُبيدٍ لا يَصحُّ؛ لأنَّ تَحريمَ الطلاقِ في الحَيضِ لكَونِها لا تَحتسبُ ببَقيَّتِه، فلا يَجوزُ أنْ تُجعلَ العِلةَ في عَدمِ الاحتِسابِ تَحريمَ الطَّلاقِ فتَصيرَ العِلةُ مَعلولًا، وإنما تَحريمُ الطَّلاقِ في الطُّهرِ الذي أصابَها فيه لكَونِها مُرتابةً ولكَونِه لا يَأمنُ النَّدمَ بظُهورِ حَملِها.

فأما إنِ انقضَتْ حُروفُ الطَّلاقِ مع انقِضاءِ الطُّهرِ فإنَّ الطلاقَ يقَعُ في أولِ الحَيضةِ ويَكونُ مُحرَّمًا، ولا تَحتسبُ بتلكَ الحَيضةِ مِنْ عدَّتِها، وتَحتاجُ أنْ تَعتدَّ بثَلاثِ حِيَضٍ بعدَها، أو ثَلاثةِ أطهارٍ على الرِّوايةِ الأخرَى، ولو قالَ لها: «أنتِ طالِقٌ في آخِرِ طُهرِكِ، أو في آخِرِ جُزءٍ مِنْ طُهرِكِ» أو انقضَتْ حُروفُ الإيقاعِ ولم يَبْقَ مِنْ الطُّهرِ إلا زَمنُ الوُقوعِ فإنها لا تَحتسبُ بالطُّهرِ الذي وقَعَ فيه الطلاقُ؛ لأنَّ العدَّةَ لا تَكونُ إلا بعدَ وُقوعِ الطَّلاقِ، وليسَ بعدَه طُهرٌ تَعتدُّ به، ولا يَجوزُ الاعتِدادُ بما قبلَه ولا بِما قارَبَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>