ساعةِ طلاقِها أو وَفاةِ زَوجِها، وذلكَ دليلٌ على أنَّ الأقراءَ الأطهارُ لا الحيضُ؛ لأنَّ القائِلينَ بأنها الحيضُ يَقولونَ:«إنها لا تَعتدُّ إلا بالحَيضةِ المُقبلةِ بعدَ الطُّهرِ الذي طلقَتْ فيه»، فجَعَلوا عليها ثَلاثةَ قُروءٍ وشيئًا آخَرَ، وذلكَ خِلافُ الكِتابِ والسُّنةِ ويُلزِمُهم أنْ يَقولوا:«إنها قبلَ الحَيضةِ في غيرِ عدَّةٍ»، وحَسبُكَ بهذا خِلافًا لظاهرِ قَولِ اللهِ ﷿: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] ولقولِ النبيِّ ﷺ: «فتلكَ العدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ يُطلَّقَ لها النِّساءُ».
وعليه: إذا طلَّقَها وهي طاهِرٌ انقَضَتْ عدَّتُها برُؤيةِ الدَّمِ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ على الصَّحيحِ، وفي قَولٍ عِنْدَ الشَّافعيةِ والحَنابلةِ: يُشترطُ يومٌ ولَيلةٌ بعدَ الطَّعنِ -أي الدُّخولِ- في الحَيضةِ الثالثةِ -لأنَّ هذا أقلُّ الحَيضِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ- إذ لا يَتحققُ كَونُه دمَ حَيضٍ إلا بذلكَ.
وإنْ طلَّقَها وهي حائِضٌ -وإنْ لم يَبْقَ مِنْ زَمنِ الحَيضِ شيءٌ- فتَنقضي عدَّتُها بالطَّعنِ في حَيضةٍ رابعةٍ؛ إذْ ما بَقيَ مِنْ الحَيضِ لا يُحسَبُ قُرءًا قَطعًا (١).
(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٤٨٧)، و «التمهيد» (١٥/ ٩٢، ١٠٠)، و «الاستذكار» (٦/ ١٤٩، ١٥١)، و «الإشراف» (٥/ ٣٨٢، ٣٨٣)، و «المعونة» (١/ ٦٢١)، و «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٥٧٢)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٣٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤١٢، ٤١٣)، و «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٦٢، ٦٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٧٠٠، ٧٠٢)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٢٥، ١٢٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٨٤، ٨٥)، و «الديباج» (٣/ ٥٥١)، و «المغني» (٨/ ٤٨)، و «الكافي» (٣/ ٢٠٤).