للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ إطلاقَ اسمِ القُرءِ يَنطلقُ على الحَيضِ؛ لأنها إنَّما تُسمَّى مِنْ ذَواتِ الأقراءِ إذا حاضَتْ.

ولهذا اذا طلقَتْ في أثناءِ حَيضةٍ لم تَعتدَّ بذلكَ قُرءًا؛ لأنَّ عليها أنْ تَعتدَّ بثَلاثةِ قُروءٍ.

ولأنَّ اللهَ تعالَى قالَ: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤]، فجعَلَ كلَّ شَهرٍ بإزاءِ حَيضةٍ وعلَّقَ الحُكمَ بعَدمِ الحَيضِ لا بعَدمِ الطُّهرِ مِنْ الحَيضِ.

ولقَولِ النبيِّ في سَبيِ أوطاسٍ: «لا تُوطأُ حامِلٌ حتَّى تضَعَ، ولا غَيرُ ذاتِ حَملٍ حتى تَحيضَ حَيضةً» (١).

وأيضًا فالمَقصودُ الأصليُّ مِنْ العدَّةِ إنما هو استِبراءُ الرَّحمِ وإنْ كانَ لها فَوائدُ أُخَرُ، ولشرَفِ الحُرَّةِ المَنكوحةِ وخَطرِها جعَلَ العِلمَ الدالَّ على بَراءةِ رَحمِها ثَلاثةَ أقراءٍ، فلو كانَ القُرءُ هو الطُّهرُ لم تَحصلْ بالقُرءِ الأولِ دَلالةٌ، فإنه لو جامَعَها في الطُّهرِ ثمَّ طلَّقَها ثمَّ حاضَتْ كانَ ذلكَ قُرءًا مَحسوبًا مِنْ الأقراءِ عندَ مَنْ يَقولُ: «الأقراءُ الأطهارُ»، ومَعلومٌ أنَّ هذا لم يَدلَّ على شَيءٍ، وإنما الذي يَدلُّ على البَراءةِ الحَيضُ الحاصِلُ بعدَ الطَّلاقِ، ولو طلَّقَها في طُهرٍ لم يُصِبْها فيه فإنما يعلَمُ هنا بَراءَة الرَّحمِ بالحَيضِ المَوجودِ


(١) حَدِيثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (٢١٥٧)، والدارمي (٢٢٩٥)، وأحمد (٣/ ٦٢)، والبيهقي (٥/ ٣٢٩)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>