حتى ظنَنَّا أنها تَرجِعُ، ثمَّ قالَتْ: لا أَفضَحُ قَومِي سائرَ اليومِ، فمَضَتْ، فقالَ النبيُّ ﷺ: «أَبصِرُوها، فإنْ جاءَتْ به أَكحَلَ العَينَينِ سابِغَ الإليتَينِ خَدلَّجَ الساقَينِ فهو لشَريكِ بنِ سَحماءَ»، فجاءَتْ بهِ كذلكَ، فقالَ النبيُّ ﷺ: «لَولا ما مَضى مِنْ كِتابِ اللهِ لَكانَ لي ولَها شَأنٌ» (١).
وفي رِوايةِ عِكرمةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ ﵄ قالَ: جاءَ هِلالُ بنُ أُميَّةَ -وهو أحَدُ الثلاثةِ الذينَ تابَ اللهُ عَليهم- فجاءَ مِنْ أرضِهِ عَشيًّا فوجَدَ عندَ أهلِهِ رَجلًا، فرَأى بعَينِه وسَمعَ بأذُنِه فلمْ يُهِجْه حتى أصبَحَ، ثمَّ غَدَا على رَسولِ اللهِ ﷺ فقالَ: يا رَسولَ اللهِ إني جِئتُ أهلِي عِشاءً فوجَدْتُ عِندهُم رَجلًا فرَأيتُ بعَينَيَّ وسَمِعتُ بأُذنَيَّ، فكَرهَ رَسولُ اللهِ ﷺ ما جاءَ بهِ واشتَدَّ عليه فنزَلَتْ: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ﴾ [النور: ٦] الآيتَينِ كلتَيهِما، فسُرِّيَ عن رَسولِ اللهِ ﷺ فقالَ: «أَبشِرْ يا هِلالُ قد جعَلَ اللهُ ﷿ لكَ فَرجًا ومَخرجًا»، قالَ هِلالٌ: قد كُنْتُ أرجو ذلكَ مِنْ رَبِّي، فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: «أَرسِلُوا إليها»، فجاءَتْ، فتَلا عَليهما رَسولُ اللهِ ﷺ وذكَّرَهُما وأخبَرَهُما أنَّ عَذابَ الآخِرةِ أشَدُّ مِنْ عَذابِ الدُّنيا، فقالَ هِلالٌ: واللهِ لقدْ صَدَقتُ عَليها، فقالَتْ: قد كذَبَ، فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «لاعِنُوا بينَهُما»، فقيلَ لهِلالٍ: اشهَدْ، فشَهدَ أربَعَ شَهاداتٍ باللَّهِ إنه لَمِن الصادقِينَ، فلمَّا كانَتِ
(١) رواه البخاري (٤٤٧٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute