للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِصفِ صاعٍ حِنطةً تَبلغُ قِيمتُه صاعًا مِنْ تَمرٍ أو شَعيرٍ لا يَجوزُ؛ إذِ الأصلُ فيهِ أنَّ كلَّ جِنسٍ هو مَنصوصٌ عليه مِنْ الطَّعامِ لا يَكونُ بَدلًا عن جِنسٍ آخَرَ هو مَنصوصٌ عليه وإنْ كانَ في القِيمةِ أكثَرَ؛ لأنه لا اعتِبارَ لمَعنَى النَّصِّ في المَنصوصِ عليه، وإنَّما الاعتِبارُ له في غَيرِه.

فإنْ أعطَى مَنًّا مِنْ بُرٍّ ومَنوَينِ مِنْ تَمرٍ أو شَعيرٍ جازَ؛ لحُصولِ المَقصودِ، إذِ الجِنسُ مُتحِدٌ.

وإنْ أمَرَ غيرَه أنْ يُطعِمَ عنه مِنْ ظِهارِه ففعَلَ أجزَأهُ؛ لأنه استِقراضٌ مَعنًى، والفَقيرُ قابضٌ له أوَّلًا ثمَّ لنَفسِه، فتَحقَّقَ تَملُّكُه ثمَّ تَمليكُه.

وإنْ غدَّاهُم وعشَّاهُم جازَ، قَليلًا كانَ ما أكَلوا أو كَثيرًا؛ لأنَّ المَنصوصَ عليه هو الإطعامُ، وهو حَقيقةٌ في التَّمكينِ مِنْ الطُّعمِ، وفي الإباحةِ ذلكَ كما في التَّمليكِ، ولو كانَ فيمَن عشَّاهُم صَبيٌّ فَطيمٌ لا يُجزئُه؛ لأنه لا يَستَوفي كامِلًا، ولا بُدَّ مِنْ الإدامِ في خُبزِ الشَّعيرِ؛ ليُمكِنَه الاستِيفاءُ إلى الشَّبعِ، وفي خُبزِ الحِنطةِ لا يُشترطُ الإدامُ.

والمُعتبَرُ في التَّمكينِ أكلَتانِ مُشبِعتانِ، إمَّا الغَداءُ والعَشاءُ وإمَّا غَداءانِ أو عَشاءانِ لكُلِّ مِسكينٍ، فإنَّ المُعتبَرَ حاجةُ اليَومِ، وذلكَ بالغَداءِ والعَشاءِ.

وإذا غَدَّى ستِّينَ وعشَّى ستَّينَ آخَرينَ لا يَجوزُ، وعليه أنْ يُطعِمَ إحدى الفِرقتَينِ أكلةٌ مُشبِعةٌ (١).


(١) «المبسوط» (٧/ ١٦)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ٢١٥)، و «الهداية» (٢/ ٢١، ٢٢)، و «الاختيار» (٣/ ٢٠٣)، و «العناية» (٦/ ٣٧، ٤٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٥١، ٥٥٣)، و «اللباب» (٢/ ١٣٠، ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>