للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم لا يَحرمُ ويَجوزُ له أنْ يَستمتعَ بها قبلَ إخراجِ الكفَّارةِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى حُرمةِ الاستِمتاعِ بها مِنْ المُباشَرةِ والتَّقبيلِ واللَّمسِ عن شَهوةٍ والنَّظرِ إلى فَرجِها عن شَهوةٍ قبلَ أنْ يُكفِّرَ؛ لقَولِه ﷿: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا﴾ [المجادلة: ٤]، وأخَفُّ ما يَقعُ عليهِ اسمُ المَسِّ هو اللَّمسُ باليَدِ؛ إذْ هو حَقيقةٌ لهُمَا جَميعًا -أعنِي الجِماعَ واللَّمسَ باليَدِ-؛ لوُجودِ مَعنى المَسِّ باليَدِ فيهما، ولأنَّ الاستمتاعَ داعٍ إلى الجِماعِ، فإذا حَرُمَ الجِماعُ حَرُمَ الداعِي إليهِ؛ إذْ لو لم يَحرمْ لَأدَّى إلى التَّناقضِ، ولهذا حَرُمَ في الاستِبراءِ وفي الإحرامِ، بخِلافِ بابِ الحَيضِ والنِّفاسِ؛ لأنَّ الاستِمتاعَ هُناكَ لا يُفضِي إلى الجِماعِ؛ لوُجودِ المانِعِ وهو استِعمالُ الأذَى، فامتَنعَ عَملُ الداعِي للتَّعارضِ فلا يُفضِي إلى الجِماعِ، ولأنَّ هذهِ الحُرمةَ إنَّما حصَلَتْ بتَشبيهِ امرَأتِه بأمِّه، فكانَتْ قبلَ انتهائِها بالتَّكفيرِ وحُرمةُ الأمِّ سواءً، وتلكَ الحُرمةُ تَمنعُ مِنْ الاستِمتاعِ، كذا هذهِ، ولأنَّ الظِّهارَ كانَ طَلاقَ القَومِ في الجَاهليةِ، فنقَلَه الشَّرعُ مِنْ تَحريمِ المَحلِّ إلى تَحريمِ الفِعلِ، فكانَتْ حُرمةُ الفِعلِ في المُظاهَرِ منها مع بَقاءِ النكاحِ كحُرمةِ الفِعلِ في المُطلَّقةِ بعدَ زَوالِ النكاحِ، وتلكَ الحُرمةُ تَعمُّ البدَنَ كلَّه، كذا هَذه.

ولأنَّ كلَّ لَفظٍ حَرُمَ بهِ جُملتُها لم يَقفْ ذلكَ على الفَرجِ دُونَ غَيرِه كالطلاقِ، أو لأنه لَفظٌ وقَعَ بهِ تَحريمٌ في الزوجةِ، فوجَبَ أنْ يَعمَّ الوَطءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>