للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ مُحمدٌ: لا يَكونُ ظِهارًا؛ لانعِدامِ التَّشبيهِ بالمَحارمِ؛ لأنَّ الظِّهارَ تَشبيهُ الحلالِ بالحَرامِ، والتَّشبيهُ لا بُدَّ لهُ مِنْ حَرفِ التَّشبيهِ ولم يُوجَدْ، فلا يَكونُ ظِهارًا.

وإنْ قالَ: «أردْتُ التَّحريمَ، أو لمْ أُرِدْ بهِ شَيئًا» فهو يَمينٌ يَصيرُ بها مُوليًا؛ لأنَّ الأصلَ في تَحريمِ الحَلالِ إنَّما هوَ اليَمينُ، فإنْ قالَ: «أردْتُ التَّحريمَ» فقدْ أرادَ اليَمينَ، وإنْ قالَ: «لم أُرِدْ شَيئًا» لَم يُصدَّقْ في القَضاءِ؛ لأنَّ ظاهِرَ ذلكَ اليَمينُ، وإذا ثبَتَ أنه يَمينٌ كانَ بها مُوليًا، حتى لو ترَكَها أربَعةَ أشهُرٍ بانَتْ بتَطليقةٍ؛ لأنَّ الأصلَ في تَحريمِ الحَلالِ أنْ يكونَ يَمينًا.

وإنْ قالَ: «أردْتُ الكَذبَ» فليسَ بشَيءٍ وهو كما قالَ، ولا يكونُ إيلاءً؛ لأنه نَوى حَقيقةَ كَلامِه، وهذا فيما بينَه وبينَ اللهِ، أمَّا في القَضاءِ فلا يُصدَّقُ ويَكونُ يَمينًا؛ لأنَّ الظاهِرَ أنَّ الحرامَ في الشَّرعِ يَمينٌ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى قالَ: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [التحريم: ١] إلَى قَولِه: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢]، قيلَ: نَزلَتِ الآيةُ في تَحريمِ جارِيتِه ماريةَ القبطيَّةِ لمَّا قالَ: «هي عَليَّ حَرامٌ»، وسمَّى اللهُ تَعالى ذلكَ يَمينًا بقَولِه: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢] أي: وسَّعَ اللهُ عَليكُم أو أباحَ لَكُمْ أنْ تُحِلُّوا مَنْ أيمانِكُم بالكَّفارَةِ، وفي بَعضِ القِراءاتِ: ﴿قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ كَفَّارَةَ أَيْمَانِكُمْ﴾، والخِطابُ عامٌّ يَتناوَلُ رَسولَ اللهِ وأمَّتهُ.

وكفَّارةُ اليَمينِ تَستَدعي وُجودَ اليَمينِ، فدَلَّ أنَّ هذا اللَّفظَ يَمينٌ في

<<  <  ج: ص:  >  >>