للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ -وابنُ أبي لَيلَى واللَّيثُ- إلى أنه لا يَصحُّ تَوقيتُ الظِّهارِ بوَقتٍ، مثلَ أنْ يقولَ الزوجُ لزَوجتِه: «أنتِ عَليَّ كظَهرِ أمِّي يَومًا، أو شَهرًا، أو إلى شَهرٍ»؛ لأنَّ الظهارَ هو أنْ يُشبِّهَ زَوجتَه على التأبيدِ بمَن تَحرمُ عليهِ على التأبيدِ، فإذا ظاهَرَ مِنها ظِهارًا مُؤقَّتًا .. لم يَصرْ مُظاهِرًا، كما لو شبَّهَها بمَن لا تَحرمُ عليهِ على التأبيدِ، وإنَّما تَحرمُ عليهِ إلى وَقتٍ، وهيَ مُطلَّقتُه ثلاثًا (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنه إذا وقَّتَ الظِّهارَ بمُدَّةٍ بعَينِها تأبَّدَ وبطَلَ التَّوقيتُ، ولا يكونُ تَحريمُها عليهِ خاصًّا بذلكَ الوَقتِ الذي قيَّدَ بهِ، بل يَتأبَّدُ عليه، ولا يَنحلُّ إلا بالكفَّارةِ، فلا يطَأُ حتى يُكفِّرَ، فإذا قالَ: «أنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي في هذا الشَّهرِ، أو شَهرًا» تأبَّدَ عليهِ، فإذا مَضى الوَقتُ لم يَزلْ حُكمُ الظِّهارِ بل يَتأبَّدُ عليه؛ لوُجودِ سَببِ الكفَّارةِ، فلا يَنحلُّ بها كالطلاقِ في ذلكَ كلِّه؛ لأنه لَفظٌ يَتعلَّقُ به تَحريمُ البُضعِ في الشَّرعِ، فوجَبَ أنْ لا يَتوقَّتَ بوَقتٍ بعَينهِ كالطلاقِ، كما إذا قالَ لزَوجتِه: «أنتِ طالِقٌ اليومَ» كانَ طَلاقًا مُؤبَّدًا (٢).


(١) «البيان» (١٠/ ٣٤٢، ٣٤٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٩٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٠).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٨٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٣٩)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٣٤٤، ٣٤٥)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٠٣)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٦٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٥٩٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>