وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: ولا يُشترطُ في الإيلاءِ الغضَبُ ولا قَصدُ الإضرارِ، رُويَ ذلكَ عنِ ابنِ مَسعودٍ، وبهِ قالَ الثَّوريُّ والشافعيُّ وأهلُ العِراقِ وابنُ المُنذِرِ، ورُويَ عن عَليٍّ ﵁: «ليسَ في إصلاحٍ إيلاءٌ»، وعنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: «إنَّما الإيلاءُ في الغضَبِ»، ونحوُ ذلكَ عنِ الحسَنِ والنخَعيِّ وقَتادةَ.
وقالَ مالكٌ والأوزاعيُّ وأبو عُبيدٍ: مَنْ حلَفَ لا يطَأُ زَوجتَه حتى تَفطِمَ ولَدَه لا يَكونُ إيلاءً إذا أرادَ الإصلاحَ لولَدِه.
ولنا: عُمومُ الآيةِ، ولأنه مانِعٌ نفسَه عَنْ جِماعِها بيَمينِه، فكانَ مُوليًا كحالِ الغضَبِ، يُحقِّقُه أنَّ حُكمَ الإيلاءِ يَثبتُ لحَقِّ الزوجةِ، فيَجبُ أنْ يَثبتَ سَواءٌ قصَدَ الإضرارَ أو لم يَقصدْ، كاستيفاءِ دُيونِها وإتلافِ مالِها، ولأنَّ الطلاقَ والظِّهارَ وسائرَ الأيمانِ سَواءٌ في الغضَبِ والرِّضا، فكذلكَ الإيلاءُ، ولأنَّ حُكمَ اليَمينِ في الكفَّارةِ وغَيرِها سَواءٌ في الغضَبِ والرِّضا، فكذلكَ في الإيلاءِ، وأمَّا إذا حلَفَ أنْ لا يطَأُها حتى تَفطِمَ ولَدَه فإنْ أرادَ وقتَ الفِطامِ وكانَتْ مدَّتُه تَزيدُ على أربعةِ أشهُرٍ فهو مُولٍ، وإنْ أرادَ فِعلَ الفِطامِ لم يَكنْ مُوليًا؛ لأنه مُمكِنٌ قبلَ الأربعةِ الأشهُرِ، وليسَ بمُحرَّمٍ ولا فيه تَفويتُ حقٍّ لها، فلَم يكنْ مُوليًا كما لو حلَفَ لا يطَؤُها حتى تَدخلَ الدارَ (١).
وذهَبَ المالِكيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الإيلاءَ يَصحُّ في حالِ الغضَبِ إذا
(١) «المغني» (٧/ ٤٢٥، ٤٢٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute