للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عَبد اللهِ بنِ شَدَّادٍ قالَ: سَمِعتُ نَشيجَ عمرَ ، وإنِّي لَفِي آخرِ الصُّفوفِ في صَلاةِ الفَجرِ يَقرأُ: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦] (١).

والنَّشيجُ: على وَزنِ «فَعِيلٌ»، مِنْ نَشَجَ الباكِي نَشجًا، إذا غُصَّ بالبُكاءِ في حَلقِه، أو تردَّدَ في صَدرِه، ولم يَنتَحِب، وكلُّ صَوتٍ بَدأَ كالنَّفحةِ فهوَ نَشيجٌ، ذكرَه أبو المَعالي في: «المُنتَهى»، وفي «المُحكَم»: النَّشيجُ أشَدُّ البُكاءِ، وقيلَ: هيَ فاقةٌ يَرتَفِعُ لها النَّفَسُ، كالفِراقِ.

وقالَ أبو عُبَيدٍ: النَّشيجُ: هو مِثلُ بُكاءِ الصَّبيِّ إذا ردَّدَ صَوتَه في صَدرِه ولم يُخرِجه.

قالُوا: فهذا عمرُ نشَج ولم يُنكِر عليه أحَدٌ من الصَّحابةِ، وقد كانُوا خلفَه؛ فصارَ إجماعًا.

وعن علِيٍّ قالَ: «مَا كانَ فِينَا فَارِسٌ يومَ بَدرٍ غيرَ المِقدَادِ، وَلَقَدْ رَأَيتُنَا وَمَا فِينَا قائِمٌ إِلا رَسولَ اللهِ تحتَ شَجَرَةٍ يُصلِّي وَيَبكِي حتى أصبَحَ» (٢).

وعن عائِشةَ أَنَّ رَسولَ اللهِ قالَ في مرَضِهِ: «مُرُوا


(١) ذكره البُخاري معلَّقًا (١/ ٢٥٢)، ووصله سعيدُ بنُ منصورٍ في «سننه» (٥/ ٤٠٥)، وابنُ أبي شيبةَ (١/ ٣١٢، ٧/ ٢٢٤)، وعبدُ الرزَّاق في «مصنَّفِه» (٢/ ١١٤)، وقال الحافظُ في تَغلِيقِ التَّعليقِ (٢/ ٣٠٠): «إسناده صحيح».
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابنُ خُزَيمةَ في «صحيحه» (٢/ ٥٢)، وابنُ حِبانَ في «صحيحه» (٦/ ٣٢)، وعَنونَ عليه بقَوله: ذِكرُ إباحةِ بكاءِ المرءِ في صلاتِه إذا لم يكن ذلكَ لأسبابِ الدنيا. والإمام أحمد في «مسنده» (١/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>