للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعَلَ اللهُ تعالَى للمُؤلي تربُّصَ أربعةِ أشهُرٍ، فهي لهُ بكَمالِها لا اعتِراضَ لزَوجتِه عليه فيها، كما أنَّ الدَّينَ المُؤجَّلَ لا يَستحِقُّ صاحِبُه المطالَبةَ إلا بعدَ استِيفاءِ الأجَلِ، فإذا انقضَتِ الأربعةُ الأشهُرُ -وهي أجَلُ الإيلاءِ- كانَتْ للمَرأةِ المُطالَبةُ بحقِّها مِنْ الجِماعِ عندَ السُّلطانِ، فيُوقَفُ زَوجُها؛ فإنْ فاءَ جامَعَها وكفَّرَ يَمينَه فهي امرَأتُه، وإلا طلَّقَ عليه.

لأنَّ اللهَ جعَلَ لهم مدَّةَ أربعةِ أشهُرٍ، وبعدَ انقِضائِها إما أنْ يُطلِّقُوا وإما أن يَفيئُوا.

ولأنَّ اللهَ جعَلَ له تربُّصَ أربعةِ أشهُرٍ، فإذا حلَفَ على أربعةِ أشهُرٍ أو ما دونَها فلا معنَى للتربُّصِ؛ لأنَّ مدَّةَ الإيلاءِ تَنقضي قبلَ ذلك أو مع انقِضائِه، وتَقديرُ التربُّصِ بأربعةِ أشهُرٍ يَقتضي كَونَه في مدَّةِ تَناولِها الإيلاءَ، ولأنَّ المُطالَبةَ إنما تَكونُ بعدَ أربعةِ أشهُرٍ، فإذا انقضَتِ المدَّةُ بأربعةٍ فما دُونَ لم تَصحَّ المُطالَبةُ مِنْ غيرِ إيلاءٍ.

وعلى هذا: لا يَستحِقُّ المُطالَبةَ حتى تَمضي الأربعةُ الأشهُرُ، فحينئذٍ يُقالُ: «إما أنْ تَفيءَ وإما أنْ تُطلِّقَ»، وإنْ لم يَفئْ أُخذَ بإيقاعِ الطلاقِ إما بالحاكِمِ وإما بحَبسِه حتى يطلِّقَ.

وذهَبَ الحَنفيةُ وعبدُ الملِكِ ابنُ الماجشُونَ مِنْ المالِكيةِ (١) والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الزوجَ إذا حلَفَ أربعةَ أشهُرٍ وما زادَ كانَ مُوليًا؛ لأنه مُمتنِعٌ مِنْ الوَطءِ باليَمينِ أربعةَ أشهُرٍ، فكانَ مُوليًا كما لو حلَفَ على ما زادَ.


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٣/ ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>