للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولُ عائِشةَ وابنِ عمُرَ؛ لأنَّ عائِشةَ أعرَفُ بحالِ الحَيضِ؛ لِمَا تَختصُّ بهِ مِنْ حالِ النِّساءِ وقُربِها مِنْ رَسولِ اللهِ ، وكذلكَ ابنُ عمَرَ؛ لأنه قد عرَفَ الطلاقَ في الحَيضِ وما أصابَه فيهِ، فهو أعلَمُ به مِنْ غَيرِه.

وقد أجمَعُوا على أنَّ الطلاقَ للعدَّةِ أنْ يُطلِّقَها طاهِرًا مِنْ غيرِ جِماعٍ لا حائِضًا، وأجمَعوا على أنَّ كلَّ مُعتدَّةٍ مِنْ طَلاقٍ أو وَفاةٍ تُحسَبُ عدَّتُها مِنْ ساعةِ طلاقِها أو وَفاةِ زَوجِها، وذلكَ دليلٌ على أنَّ الأقراءَ الأطهارُ لا الحيضُ؛ لأنَّ القائِلينَ بأنها الحيضُ يَقولونَ: «إنها لا تَعتدُّ إلا بالحَيضةِ المُقبلةِ بعدَ الطُّهرِ الذي طلقَتْ فيه»، فجَعَلوا عليها ثَلاثةَ قُروءٍ وشيئًا آخَرَ، وذلكَ خِلافُ الكِتابِ والسُّنةِ ويُلزِمُهم أنْ يَقولوا: «إنها قبلَ الحَيضةِ في غيرِ عدَّةٍ»، وحَسبُكَ بهذا خِلافًا لظاهرِ قَولِ اللهِ ﷿: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] ولقولِ النبيِّ : «فتلكَ العدَّةُ التي أمَرَ اللهُ أنْ يُطلَّقَ لها النِّساءُ».

وعليه: إذا طلَّقَها وهي طاهِرٌ انقَضَتْ عدَّتُها برُؤيةِ الدَّمِ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ على الصَّحيحِ، وفي قَولٍ عِنْدَ الشَّافعيةِ والحَنابلةِ: يُشترطُ يومٌ ولَيلةٌ بعدَ الطَّعنِ -أي الدُّخولِ في الحَيضةِ الثالثةِ- وبعدَ الطَّعنِ في الصُّورةِ التاليةِ؛ إذْ لا يَتحقَّقُ كَونُه دمَ حَيضٍ إلا بذلكَ.

وإنْ طلَّقَها وهي حائِضٌ -وإنْ لم يَبْقَ مِنْ زَمنِ الحَيضِ شيءٌ- فتَنقضي عدَّتُها بالطَّعنِ في حَيضةٍ رابعةٍ؛ إذْ ما بَقيَ مِنْ الحَيضِ لا يُحسَبُ قُرءًا قَطعًا (١).


(١) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٤٨٧)، و «التمهيد» (١٥/ ٩٢، ١٠٠)، و «الاستذكار» (٦/ ١٤٩، ١٥١)، و «الإشراف» (٥/ ٣٨٢، ٣٨٣)، و «المعونة» (١/ ٦٢١)، و «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٥٧٢)، و «التاج والإكليل» (٣/ ١٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ١٣٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٤١٢، ٤١٣)، و «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ٦٢، ٦٣)، و «روضة الطالبين» (٥/ ٧٠٠، ٧٠٢)، و «النجم الوهاج» (٨/ ١٢٥، ١٢٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٨٤، ٨٥)، و «الديباج» (٣/ ٥٥١)، و «المغني» (٨/ ٤٨)، و «الكافي» (٣/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>