وظاهِرُ المَذهبِ عندَ الحَنابلةِ أنَّ لهُ رَجعتَها ما لم تَغتسلْ ولو فرَّطَتْ في الغُسلِ سِنينَ، حتى قالَ شريكٌ القاضي: عِشرينَ سَنةً، قالَ الزَّركشيُّ ﵀: وهو ظاهِرُ كَلامِ الخِرَقيِّ وجَماعةٍ. انتَهى؛ لأنَّ وَطءَ الزوجةِ في الاغتِسالِ مِنْ الحَيضِ حَرامٌ؛ لوُجودِ أثَرِ الحَيضِ الذي يَمنعُ الزوجَ الوَطءَ كما يَمنعُه الحَيضُ، فوجَبَ أنْ يَمنعَ ذلكَ ما يَمنعُه الحَيضُ ويُوجِبَ ما أوجَبَه الحَيضُ كما قبلَ انقِطاعِ الدَّمِ، ولم تُبَحْ للأزواجِ قبلَ أنْ تَغتسلَ مِنْ الحَيضةِ الثالثةِ.
وأمَّا بَقيةُ الأحكامِ مِنْ قَطعِ الإرثِ والطلاقِ واللِّعانِ والنَّفقةِ وغيرِها فتَحصلُ بانقطاعِ الدَّمِ (١).
وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ المَقصودَ بالأقراءِ في قَولِه تَعالى: ﴿ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ﴾ [البقرة: ٢٢٨] هي الأطهارُ، وهيَ ما بينَ الحَيضتَينِ مِنْ الطُّهرِ يُسمَّى قُرءًا، وهذا مَرويٌّ عن داودَ بنِ عليٍّ وابنِ حَزمٍ، وهو قولُ عائِشةَ وزَيدِ بنِ ثابتٍ وعَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ، ورُويَ أيضًا عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وبهِ قالَ القاسمُ وسالمٌ وأبانُ بنُ عُثمانَ وأبو بكرٍ ابنُ عبدِ الرحمنِ وسُليمانُ بنُ يَسارٍ وعُروةُ بنُ الزُّبيرِ وعُمرُ بنُ عبدِ العزيزِ وابنُ شِهابٍ ورَبيعةُ ويَحيى بنُ سَعيدٍ، كلُّ هؤلاءِ يَقولونَ: «الأقراءُ الأطهارُ»، فالمُطلَّقةُ عندَهم
(١) «المغني» (٨/ ٨٣، ٨٤)، و «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٤٧٩)، و «زاد المعاد» (٥/ ٦١١، ٦١٥)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٩٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٥٠٩)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٤٨٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٤١٢)، و «منار السبيل» (٣/ ١٢٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute