للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النَّوويُّ : وهذا مَحمولٌ على استِحبابِ التَّواضُعِ بمُباشَرةِ نَفسِ الأرضِ (١).

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ : ولا نِزاعَ بينَ أهلِ العِلمِ في جَوازِ الصَّلاةِ والسُّجودِ على المَفارِشِ إذَا كانَت مِنْ جِنسِ الأرضِ، كالخُمرَةِ والحَصيرةِ ونحوِهِما، وإنَّما تَنازَعوا في كَراهَةِ ذلك على ما ليس مِنْ جِنسِ الأرضِ، كالأَنطَاعِ المَبسوطَةِ مِنْ جُلودِ الأنعامِ، وكالبُسُطِ والزَّرَابِيِّ المَصبُوغةِ مِنْ الصُّوفِ، وأكثرُ أهلِ العِلمِ يُرخِّصُونَ في ذلك أيضًا، وهو مَذهبُ أهلِ الحَديثِ، كالشافِعيِّ وأحمدَ، ومَذهبُ أهلِ الكُوفةِ، كأبي حَنيفَةَ وغيرِهم، وقدِ استَدلُّوا على جَوازِ ذلك أيضًا بحَديثِ عائِشةَ -وسَيأتي إن شاءَ اللهُ- فإنَّ الفِراشَ لم يكن مِنْ جِنسِ الأرضِ، وإنَّما كانَ مِنْ أَدَمٍ أو صُوفٍ (٢).

وأمَّا المالِكِيَّةُ فإنَّه يُكرَهُ عندَهمُ السُّجودُ على ثَوبِ الكتانِ والصُّوفِ والقُطنِ، وكذلكَ بُسُطُ الشَّعرِ والأَدَمِ وأَحلاسِ الدَّوابِّ، ولا يُكرَهُ القِيامُ عليهِ.

قالَ ابنُ بَشيرٍ : قالَ المُحقِّقونَ: إذَا كان الأصلُ الرَّفاهيةَ فكلُّ ما فيهِ رَفاهيَةٌ، ولَو كانَ ممَّا تُنبِتُه الأرضُ، كحُصُرِ السَّامانِ؛ فإنَّه مَكروهٌ، وكلُّ ما لَا تَرَفُّهَ فيهِ فلا يُكرَهُ، ولو كانَ ممَّا لا تُنبِتُه الأرضُ كالصُّوفِ الذي لا يُقصَدُ بهِ التَّرفُّهُ (٣).


(١) «شرح مُسلِم» (٥/ ١٦٣).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ١٧٤، ١٧٥).
(٣) «مواهب الجليل» (١/ ٥٤٥، ٥٤٧)، و «المدوَّنة» (١/ ١٢٨)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٢٥)، و «المبسوط» (١/ ٢٠٦)، و «عُمدَة القارِي» (٤/ ١٠٨)، و «عون المعبود» (٢/ ٢٥٣)، و «تُحفَة الأَحوَذِي» (٢/ ٢٤٩)، و «المغني» (٢/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>