ش: وذلكَ كأنْ قالَ لزَوجتِه: «أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللهُ» أو لعَبدِه: «أنتَ حُرٌّ إنْ شاءَ اللهُ»، وتَوقَّفَ أحمدُ عن الجَوابِ في ذلكَ؛ لاختِلافِ الناسِ فيه مع عَدمِ نَصٍّ قاطِعٍ في ذلكَ، وحظَرَ ذلكَ وهو الحُكمُ بحِلِّ فَرجٍ أو تَحريمِه، والذي استَقرَّ عليه قولُه أنه لا يَنفعُه الاستِثناءُ، مُعلِّلًا ذلكَ في رَوايةِ حَنبلٍ بأنهُما ليسا مِنْ الأيمانِ، وإذا لم يَكونَا مِنْ الأيمانِ فلا يَدخلانِ في قولِ النَّبيِّ ﷺ:«مَنْ حلَفَ فقالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» لم يَحنَثْ»، وقد تَقدَّمَتِ الإشارةُ إلى هذا في أولِ البابِ، وأنَّ المُغلَّبَ فيهما التعليقُ على شَرطٍ، وإذا هذا الشرطُ الذي قد علَّقَ عليه الطلاقَ -وهو مَشيئةُ اللهِ تعالَى- أمرٌ لا سبيلَ إلى عِلمِه، فهو كالتعليقِ على مُستحيلٍ، أو أمرٌ يُفضِي اعتبارُه إلى رَفعِ الطلاقِ بالكُليةِ، أشبَهَ ما لو قالَ:«أنتِ طالقٌ طَلقةً لا تَلزمُكِ» ونحوَ ذلكَ.
وعن ابنِ عبَّاسٍ ﵄:«إذا قالَ الرَّجلُ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ إنْ شاءَ اللهُ» هي طالقٌ» رَواهُ أبو حَفصٍ بسَندِه، وعن أبي بُردةَ نحوُه.
وعنِ ابنِ عُمرَ ﵄ وأبي سَعيدٍ ﵁ قالوا:«كُنَّا مَعاشِرَ أصحابِ رَسولِ اللهِ نَرَى الاستِثناءَ جائِزًا في كُلِّ شيءٍ إلا في العِتاقِ والطلاقِ» ذكَرَه أبو الخطَّابِ.
(وحكَى أبو مُحمدٍ رِوايةً أُخرَى) عن أحمدَ ﵁ بصحَّةِ الاستثناءِ في الطلاقِ والعِتاقِ؛ بناءً على أنهُما مِنْ الأيمانِ، فيَدخلانِ في عُمومِ «مَنْ حلَفَ على يَمينٍ»؛ إذ ذلك نكِرةٌ في سِياقِ الشرطِ، فتَشملُ كلَّ يَمينٍ، ونَظرًا