للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ عامَّةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنه إذا قالَ لزَوجتِه: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا اثنتَينِ» صَحَّ ولا تَطلُقُ إلا واحِدةً؛ لأنه أثبَتَ ثلاثًا ثمَّ نفَى منها اثنتَينِ، فبَقيَ واحِدةٌ، ولأنَّ بعضَ الكَلامِ مُرتَبطٌ ببَعضٍ، فأوَّلُه مَوقوفٌ على آخِرِه، وهو كَلامٌ لا يَنقضُ بَعضُه بعضًا.

وقد حَكى فيهِ الإجماعَ ابنُ المُنذِرِ فقالَ: أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنهُ مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ الرَّجلَ إذا قالَ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا اثنتَينِ» إنها تَطلُقُ واحدةً (١).

وقَالَ الإمَامُ الشَّافعيُّ : وإذا قالَ الرَّجلُ لامرَأتِه: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا اثنتَينِ» فهي طالقٌ واحِدةً، وإنْ قالَ: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا واحِدةً» فهي طالقٌ اثنتَينِ، وإنْ قالَ: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا ثلاثًا» كانَتْ طالِقًا ثلاثًا، إنَّما يَكونُ الاستِثناءُ جائزًا إذا بَقيَ ممَّا سمَّى شيءٌ يَقعُ به شيءٌ ممَّا أوقَعَ، فأمَّا إذا لم يُبْقِ ممَّا سمَّى شيئًا ممَّا استَثنَى فلا يَجوزُ الاستِثناءُ، والاستِثناءُ حِينئذٍ مُحالٌ (٢).


(١) «الإشراف» (٥/ ٢٤٣، ٢٤٤)، و «الأوسط» (٩/ ٢٨٨)، و «فتاوى السغدي» (١/ ٣٤٠)، و «المبسوط» (٦/ ٩١، ٩٢)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ١٩٤)، و «بدائع الصنائع» (٣/ ١٥٥، ١٥٦)، و «الكافي» (٢٦٨)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٧٧، ٧٨)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٥٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٣)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٣٥٧، ٣٥٩)، و «الحاوي الكبير» (١٠/ ١٨٢، ٢٤٨، ٢٥١)، و «البيان» (١٠/ ١٢٥، ١٢٦)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٤٨٧)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٣٠، ٥٣١)، و «الديباج» (٣/ ٤٣٣، ٤٣٤).
(٢) «الأم» (٥/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>