فإذا رجَعَ الزوجُ عنِ الوَكالةِ أو جُنَّ أو ماتَ لم يَكنْ لهُ أنْ يُطلِّقَ، فإنْ طلَّقَ لم يَقعْ، فلو لم يَعلمِ الوَكيلُ بجُنونِ مُوكِّلِه أو مَوتِه فطلَّقَ لم يقَعْ طَلاقُه؛ لأنَّ الطلاقَ لا يَصحُّ أنْ يقَعَ عن زَوجٍ مَيِّتٍ أو مَجنونٍ، ولو لم يَعلمِ الوَكيلُ برُجوعِ الزوجِ حتَّى طلَّقَ كانَ في وُقوعِ طَلاقِه قَولانِ؛ مِنِ اختِلافِ قَوليهِ في المُوكَّلِ في القِصاصِ إذا اقتَصَّ قبلَ العِلمِ بالعفوِ (١).
وقالَ الحَنفيةُ: إذا وكَّلَ رَجُلًا بأنْ يُطلِّقَ امرأتَهُ للسُّنةِ وهي ممَّن تَحيضُ وكانَ التوكيلُ في حالةِ الحَيضِ أو في طُهرٍ جامَعَها فيهِ وطلَّقَها الوَكيلُ في حالةِ الحَيضِ أو في ذلكَ الطُّهرِ لا يَقعُ الطلاقُ؛ لأنه ليسَ بتَوكيلٍ للحالِ، بلْ وَكالتُه مُضافةٌ إلى الطُّهرِ في الصُّورةِ الأُولَى، وإلى الحَيضِ والطُّهرِ في الصُّورةِ الثانيةِ.
وكذلكَ لو قالَ لها في هذهِ الحالةِ:«أنتِ طالقٌ للسُّنةِ، أنتِ طالقٌ إذا طَهُرتِ، أنتِ طالقٌ إذا حِضتِ وطَهُرتِ» لا يقَعُ الطلاقُ، وإذا طَهُرتْ في الصُّورةِ الأُولى أو حاضَتْ وطَهُرتْ في الصُّورةِ الثانيةِ وطلَّقَها الوَكيلُ بعدَ ذلكَ يقَعُ الطلاقُ؛ لأنه صارَ وَكيلًا الآنَ، فالإيقاعُ حصَلَ بحُكمِ التوكيلِ فيَصحُّ.
وإذا وكَّلَ غيرَه بأنْ يُطلِّقَ امرأتَه ثمَّ طلَّقَها الزوجُ بنَفسِه قبلَ طلاقِ الوَكيلِ فهذا لا يَكونُ عَزلًا للوكيلِ، ويقَعُ طَلاقُ الوَكيلِ عليها ما دامَتْ في