للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا غيرُ المُتَّفَقِ عليهِمَا:

فأحَدُهُما: ما رُويَ أنَّه نَهى أن يُصلَّى في سَبعةِ مَواطِنَ: «في المَزبَلةِ والمَقبَرةِ … » الحَديثَ (١).

والآخَرُ: ما رُويَ أنَّه قالَ : «صَلُّوا في مرَابِضِ الغَنَمِ، وَلَا تُصَلُّوا في أَعطَانِ الإِبِلِ» (٢).

فذَهب النَّاسُ في هذه الأحاديثِ ثَلاثةَ مَذاهبَ:

أحَدُها: مَذهبُ التَّرجيحِ والنَّسخِ.

والثَّاني: مَذهبُ البِناءِ، أعني بِناءَ الخاصِّ على العامِّ.

والثَّالثُ: مَذهبُ الجَمعِ.

فأمَّا مَنْ ذَهب مَذَهب التَّرجيحِ والنَّسخِ: فأخذَ بالحَديثِ المَشهورِ، وهو قولُه : «جُعلت لي الأَرضُ مَسجدًا وَطَهُورًا». وقالَ: هذا ناسِخٌ لغيرِه، ولأنَّ هذه هي فَضائِلُ له ، وذلك ممَّا لا يَجوزُ نَسخُه.

وأمَّا مَنْ ذَهب مَذَهب بِناءِ الخاصِّ على العامِّ فقالَ: حَديثُ الإباحةِ عامٌّ، وحَديثُ النَّهيِ خاصٌّ، فيجبُ أن يُبنَى الخاصُّ على العامِّ، فمِن هؤلاءِ مَنِ استَثنَى المَواضِعَ السَّبعةَ، ومنهم مَنِ استَثنَى الحَمَّامَ والمَقبرَةَ، وقالَ: هذا هو الثَّابِتُ عنه ؛ لأنَّه قد رُويَ أيضًا النَّهيُ عنهما مُفرَدَينِ، ومنهم مَنِ استَثنَى المَقبرةَ فقط؛ لِلحَديثِ المُتقَدِّمِ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: تَقَدَّمَ.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>