للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ قيَّدَ المَشيئةَ بوَقتٍ فقالَ: «أنتِ طالِقٌ إنْ شِئتِ اليومَ» تقيَّدَ بهِ، فإنْ خرَجَ اليومُ قبلَ مَشيئتِها لم تَطلُقْ.

وإنْ علَّقَه على مَشيئةِ اثنَينِ لم يقَعْ حتى تُوجَدَ مَشيئتُهما.

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولو قالَ: «أنتِ طالقٌ إنْ شئتِ» فقالَتْ: «قد شِئتُ إنْ شِئتَ» فقالَ: «قد شِئتُ»، أو قالَتْ: «قَدْ شِئتُ إنْ طلَعَتِ الشَّمسُ» لم يقَعْ، نَصَّ أحمدُ على مَعنى هذا، وهو قولُ سائرِ أهلِ العِلمِ، منهُم الشافعيُّ وإسحاقُ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرأيِ.

قالَ ابنُ المُنذرِ: أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ الرَّجلَ إذا قالَ لزَوجتِه: «أنتِ طالِقٌ إنْ شِئتِ» فقالَتْ: «قدْ شِئتُ إنْ شاءَ فُلانٌ» أنها قد رَدَّتِ الأمرَ، ولا يَلزمُها الطلاقُ وإنْ شاءَ فلانٌ (١)؛ وذلكَ لأنه لم تُوجَدْ منها مَشيئةٌ، وإنَّما وُجدَ منها تَعليقُ مَشيئتِها بشَرطٍ، وليسَ تَعليقُ المَشيئةِ بشَرطٍ مَشيئةً.

وإنْ علَّقَ الطلاقَ على مَشيئةِ اثنَينِ فَشاءَ أحَدُهما على الفُورِ والآخَرُ على التراخي وقَعَ الطلاقُ، لأنَّ المَشيئةَ قد وُجِدَتْ منهُما جَميعًا (٢).

وسيأتي في الفَصلِ القادمِ تَفصيلُ التفويضِ عندَ كلِّ مَذهبٍ.


(١) «الإجماع» (٤١٧)، و «الإشراف» (٥/ ٢٤٨).
(٢) «المغني» (٧/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و «الكافي» (٣/ ٢٠٨، ٢٠٩)، و «المبدع» (٧/ ٣٦٠، ٣٦١)، و «الإنصاف» (٨/ ١٠١، ١٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>