إلَّا بعْدَ العِلمِ بها، كذلكَ إذنُ الآدَميِّ، وعلى هذا يمنعُ وجود الإذنِ مِنْ جِهتِه (١).
وذهَبَ الشَّافعيةُ وأبو يُوسفُ مِنْ الحنفيَّةِ ومالكٌ في رِوايةٍ والحَنابلةُ في وجهٍ إلى أنَّ الزَّوجَ إذا حلفَ بطَلاقِها أنْ لا تَخرجَ إلَّا بإذنِه وخَشِيَ أنْ تَخرجَ بغَيرِ إذنِه عندَ الغَضبِ فاحتالَ وأَذِنَ لها مِنْ حَيثُ لا تَعلَمُ فخَرجَتْ بعْدَ ذلكَ لم يَحنَثْ ولا تَطلُقُ؛ لأنها خَرجَتْ بعْدَ وُجودِ الإذنِ مِنْ جِهتِه، فلَم يَحنَثْ كما لو عَلمَتْ به، ولأنَّه لو عزَلَ وكيلَه انعزَلَ وإنْ لم يَعلمْ بالعَزلِ، فكذلكَ تَصيرُ مأذونًا لها وإنْ لم تَعلمْ.
ولأنَّ الأذنَ يَختصُّ بالآذِنِ، والعِلمَ بهِ مُختَصُّ بالمأذُونِ لها، وشَرطُ يَمينِه إنَّما كانَ مَعقودًا على ما يَختصُّ بهِ مِنْ الإذنِ دونَ ما يَختصُّ بها مِنْ العِلمِ، أَلَا تَرى أنَّ اسمَ الإذنِ يَنطلقُ على إذنِه دُونَ عِلمِها، فوجَبَ أنْ يكونَ تَفرُّدُه بالإذنِ مُوجِبًا لوُجودِ الشَّرطِ، فلا يَقعُ بهِ الحِنثُ، كما لو قالَ:«إنْ قُمْتُ فأنتِ طالِقٌ» طَلُقَتْ بقِيامِه وإنْ لم تَعلمْ.
ولأنهُ لو كانَ العِلمُ شَرطًا في الإذنِ لَكانَ وُجودُه مِنْ الحالِفِ شَرطًا فيهِ،
(١) «التجريد» القدروي (١٢/ ٦٤٨٥، ٦٤٨٦)، و «الاختيار» (٤/ ٦٧)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٩٨) رقم (١٦٤٢)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٣٢٥)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٧٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٣٣)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٩٨)، و «المغني» (١٠/ ٤٧)، والمبدع (٧/ ٣٥٩)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٥٥)، و «الروض المربع» (٤٠٠).