للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالصَّريحُ: كُلُّ لَفظٍ استَقلَّ بنَفسِه في إثباتِ حُكمِه تحديدًا.

والكِنايةُ على ضَربَينِ: كِنايةٌ غالِبةٌ وكِنايةٌ غَيرُ غالِبةٍ.

فالغالِبةُ: كُلُّ ما أشعَرَ بثُبوتِ الطَّلاقِ في مَوضُوعِ اللُّغةِ أو الشَّرعِ، كقولِه: «الحَقِي بأهلِكِ، واعَتدِّي».

وغَيرُ الغالِبةِ: كُلُّ ما لا يُشعِرُ بثُبوتِ الطَّلاقِ في وَضعِ اللُّغةِ والشَّرعِ، كقَولِه: «ناوِلينِي الثَّوبَ، وقالَ: أردْتُ بذلكَ الطَّلاقَ».

فإذا عَرضْنا لفْظَ الأيمانِ على صَريحِ الطَّلاقِ لم تَكنْ مِنْ قِسمِه، وإنْ عَرضْناها على الكِنايةِ لَم تَكنْ مِنْ قِسمَيها، إلَّا بقَرينةٍ مِنْ شاهدٍ حالٍ أو جارِي عُرفٍ أو نيَّةٍ تُقارِنُ اللَّفظَ، فإنِ اضطَربَ شاهِدُ الحالِ أو جارِي العُرفِ باحتِمالٍ يَحتمِلُه فقَدْ تَعذَّرَ الوُقوفُ على النِّيةِ، ولا يَنبغِي لحاكمٍ ولا لغَيرِه أنْ يمدَّ القَلمَ في فَتوى حتَّى يَتأمَّلَ مِثلَ هذهِ المَعاني، فإنَّ الحُكمَ إنْ لم يقَعْ مُستوضَحًا عَنْ نُورٍ فِكريٍّ مُشعِرٍ بالمَعنَى المَربوطِ اضمَحلَّ.

ثمَّ قالَ: وأنا ذاكِرٌ لكَ ما بَلَغنِي في هذهِ اليَمينِ مِنْ كَلامِ العُلماءِ ورَأيتُه مِنْ أقوالِ الفُقهاءِ، وهيَ يَمينٌ مُحدَثةٌ لَم تقَعْ في الصَّدرِ الأوَّلِ.

ثمَّ ذكَرَ اختِلافَ أهلِ العِلمِ في الحلِفِ بالأيمانِ اللَّازِم، والمَقصودُ: أنهُ ذكَرَ الفَرْقَ الفِطْريَّ العَقليَّ الشَّرعيَّ بيْنَ إيقاعِ الطَّلاقِ والحلِفِ بالطَّلاقِ، وأنهُما بابانِ مُفتَرِقانِ بحَقائقِهما ومَقاصِدِهما وألفاظِهِما، فيَجبُ افتِراقُهما حُكمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>