يُصلِّي وَرَأسُهُ مَعقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ، فَقامَ فَجعلَ يَحُلُه، فلمَّا انصَرفَ أَقبَلَ إلى ابنِ عبَّاسٍ فقالَ: ما لَكَ وَرَأسِي؟ فقال: إني سَمِعتُ رَسولَ الله ﷺ يَقولُ: «إنَّما مَثَلُ هذا مَثَلُ الذي يُصلِّي وهو مَكتُوفٌ»(١).
قالَ النَّوويُّ ﵀: اتَّفقَ العُلماءُ على النَّهيِ عن الصَّلاةِ وثَوبُه مُشَمَّرٌ، أو كُمُّهُ أو نَحوُهِ، أو رَأسُهُ مَعقُوصٌ، أو مَردُودٌ شَعرُه تحتَ عِمَامَتِه، أو نَحوُ ذلكَ، فكلُّ هذا مَنهِيٌّ عنه باتِّفاقِ العُلماءِ، وهو كَراهةُ تَنزيهٍ، فلو صلَّى كذلكَ فقد أساءَ وصحَّت صَلاتُه، واحتَجَّ في ذلك أبو جَعفرٍ مُحمَّدُ بنُ جَريرٍ الطَّبريُّ بإِجماعِ العُلماءِ، وحَكى ابنُ المُنذرِ الإعادةَ فيهِ عن الحَسنِ البَصريِّ، ثم مَذهبُ الجمهورِ أنَّ النَّهيَ مُطلَقٌ لِمَنْ صلَّى كذلكَ؛ سَواءٌ تعمَّدَهُ لِلصَّلاةِ أو كانَ قبلَها كذلكَ، لا لها، بل لِمَعنًى آخرَ.
وقالَ الدَّاودِيُّ: يَختَصُّ ذلك بمَن فعلَ ذلك لِلصَّلاةِ، والمُختارُ الصَّحيحُ هو الأوَّلُ، وهو ظاهرُ المَنقولِ عن الصَّحابةِ وغيرِهِم.
ويدلُّ عليه فِعلُ ابنِ عباسٍ المَذكورُ هُنا.
قالَ العُلماءُ: والحِكمةُ في النَّهيِ عنه أنَّ الشَّعرَ يَسجُدُ معه، ولِهذا مَثَّلَه بالذي يُصلِّي وهو مَكتوفٌ.
قولُه:«عنِ ابنِ عباسٍ أَنَّه رَأى عَبد اللَّهِ بنَ الحَارِثِ يُصلِّي وَرَأسُهُ مَعقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ، فَقامَ فَجعلَ يَحُلُه». فيهِ الأمرُ بالمَعروفِ والنَّهيُ عن المُنكَرِ، وأنَّ ذلك لا يُؤَخَّرُ إذ لم يُؤخِّرهُ ابنُ عبَّاسٍ ﵁ حتى يَفرُغَ مِنْ