للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمَعانٍ، وكَلامُ المُتكلِّمِ مَحمولٌ على مُرادِه، ومُرادُه إنما يُعرَفُ مِنْ جِهتِه، فيُسألُ عَنْ نيَّتِه.

فإنْ قالَ: «نَوَيتُ الطَّلاقَ» فهي تَطليقةٌ بائِنةٌ إلَّا أنْ يَنويَ الثَّلاثَ، فإنْ نَوى ثلاثًا فثَلاثٌ، وإنْ نَوى واحِدةً فواحِدةٌ، وإنْ نَوى ثِنتَينِ فواحِدةٌ بائِنةٌ؛ لأنَّ قولَه: «حَرامٌ» كِنايةٌ، والكِنايةُ يُرجَعُ فيها إلى نيَّتِه.

وإنْ قالَ: «أردْتُ الظِّهارَ فهو ظِهارٌ عِنْدَ أبي حَنيفةَ وأبي يُوسفَ؛ لأنَّه وصَفَها بالتَّحريمِ، وفي الظِّهارِ نوعُ تَحريمٍ، والمُطلَقُ يُحمَلُ على المُقيَّدِ إذا نَواهُ؛ لأنه وصَفَها بكَونِها مُحرَّمةً، والمَرأةُ تارةً تكونُ مُحرَّمةً بالطَّلاقِ، وتارةً تكونُ مُحرَّمةً بالظِّهارِ، فأيَّ ذلكَ نَوى فقَدْ نَوى ما يَحتمِلُه كَلامُه فيُصدَّقُ فيهِ.

وقالَ مُحمدٌ: لا يكونُ ظِهارًا؛ لانعِدامِ التَّشبيهِ بالمَحارمِ؛ لأنَّ الظِّهارَ تَشبيهُ الحلالِ بالحَرامِ، والتَّشبيهُ لا بُدَّ لهُ مِنْ حَرفِ التَّشبيهِ ولم يُوجَدْ، فلا يكونُ ظِهارًا.

وإنْ قالَ: «أردْتُ التَّحريمَ، أو لم أُرِدْ بهِ شيئًا» فهو يَمينٌ يَصيرُ بها مُوليًا؛ لأنَّ الأصلَ في تَحريمِ الحَلالِ إنَّما هوَ اليَمينُ، فإنْ قالَ: «أردْتُ التَّحريمَ» فقَدْ أرادَ اليَمينَ، وإنْ قالَ: «لم أُرِدْ شَيئًا» لم يُصدَّقْ في القَضاءِ؛ لأنَّ ظاهِرَ ذلكَ اليَمينُ، وإذا ثبَتَ أنه يَمينٌ كانَ بها مُوليًا، حتَّى لو ترَكَها أربعةَ أشهُرٍ بانَتْ بتَطليقةٍ؛ لأنَّ الأصلَ في تَحريمِ الحَلالِ أنْ يكونَ يَمينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>