للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّاهرةِ كالصَّريحِ، فإنهُ يُصدَّقُ في نَفيهِ عِنْدَ قيامِ القَرائنِ، كما لو أخَذَها الطَّلقُ عِنْدَ ولادَتِها فقالَ: «أنتِ طالِقٌ» إعلامًا أو استِعلامًا، أو كانَتْ مَربُوطةً فقالَتْ لهُ هي أو غَيرُها: أطلِقْنِي، فقالَ: أنتِ طالِقٌ، ونحوُ ذلكَ ممَّا يَقتضيهِ الحالُ.

والقِسمُ الثَّاني: الكِنايةُ الخَفيَّةُ: وهي ما شأنُها أنْ تُستعمَلَ في غَيرِ الطَّلاقِ، فالكِنايةُ المُحتملةُ كقَولِه: «الحَقِي بأهلِكِ واذهَبِي وابعُدِي عنِّي» وما أشبَهَ ذلكَ، فهذا لا يَلزمُه الطَّلاقُ إلَّا إنْ نَواهُ، وإنْ قالَ أنهُ لم يَنوِ الطَّلاقَ قُبِلَ قَولُه في ذلكَ.

فيَنوِي في أصلِ الطَّلاقِ وفي عَددِه في كُلِّ كِنايةٍ خَفيَّةٍ تُوهِمُ قصْدَ الطَّلاقِ نحوُ: اذهَبِي وانصَرِفي وانطَلِقي، أو أنا لم أتزَوَّجْ، أو قيلَ لهُ: أَلَكَ امرأةٌ؟ فقالَ: لا، أو قالَ لها: أنتِ حُرَّةٌ أو مُعتَقةٌ أو الحَقِي بأهلِكِ، فإنِ ادَّعَى عدَمَ الطَّلاقِ صُدِّقَ، وإنِ ادَّعَى عَددًا واحِدةً أو أكثَرَ صُدِّقَ، فإنِ ادَّعَى أنهُ نَوَى الطَّلاقَ ولَم يَنوِ عَددًا لَزمَه الثَّلاثُ في المَدخولِ بها وغَيرِها.

وإنْ قصَدَ الطَّلاقَ بكَلمةٍ ك: «اسقِينِي» أو صَوتٍ ساذَجٍ لَزِمَ، وهذا مِنَ الكِنايةِ الخفيَّةِ عندَ الفُقهاءِ وإنْ لَم يُستعمَلْ في لازِمِ مَعناهُ.

وإنْ قصَدَ التَّلفظَ بالطَّلاقِ فعدَلَ لغَيرِهِ غَلطًا كما لو أرادَ أنْ يقولَ: «أنتِ طالِقٌ» فالتَفَتَ لِسانُه بقَولهِ: «أنتِ قائِمةٌ» فلا يَلزمُه شيءٌ؛ لعَدمِ وُجودِ رُكنِهِ -وهو اللَّفظُ الدَّالُّ عليهِ- أو غَيرِهِ معَ نيَّتهِ، بلْ أرادَ إيقاعَهُ بلَفظِه، فوقَعَ في غَيرِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>