للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَضرَتِ الصَّلاةُ فابدَؤُوا بِه قبلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلاةَ المَغربِ، ولا تَعجَلُوا عن عَشَائِكُم» (١).

ولمَا رَواهُ مُسلِمٌ عن ابنِ أبي عَتيقٍ قالَ: تَحدَّثتُ أنا والقاسِمُ عندَ عائِشَةَ حَديثًا، وكانَ القاسِمُ رَجلًا لحَّانةً، وكانَ لِأُمِّ وَلَدٍ، فقالَت له عائِشَةُ: ما لكَ لا تَحَدَّثُ كما يَتحَدَّثُ ابنُ أخي هذا؟ أمَا إنِّي قد عَلِمتُ مِنْ أينَ أتَيتَ، هذا أدَّبَته أُمُّه وأنتَ أدَّبَتكَ أُمُّكَ. قالَ: فغَضِبَ القاسِمُ وأضَبَّ عليها. فلمَّا رَأى مائِدةَ عائِشَةَ قد أُوتيَ بها قامَ، قالَت: أينَ؟ قالَ: أُصَلِّي. قالَتِ: اجلِس. قالَ: إنِّي أُصَلِّي. قالَتِ: اجلِس غُدَرُ، إنِّي سَمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «لَا صَلاةَ بِحَضرَةِ الطَّعامِ، ولا وَهو يُدَافِعُهُ الأَخبَثَانِ» (٢).

وكانَ ابنُ عمرَ ، يُوضَعُ له الطَّعامُ وَتُقامُ الصَّلاةُ، فلا يَأتِيهَا حتى يَفرُغَ، وَإِنَّه لَيَسمَعُ قِراءَةَ الإِمَامِ (٣).

قالَ النَّوويُّ : في هذه الأحادِيثِ كَراهةُ الصَّلاةِ بحَضرةِ الطَّعامِ الذي يُريدُ أكلَه؛ لمَا فيه مِنْ اشتِغالِ القَلبِ به، وذَهابِ الخُشوعِ، وكَراهَتُها مع مُدافَعةِ الأخبَثَينِ وهما البَولُ والغائِطُ، ويُلحَقُ بهذا ما كانَ في مَعناه ممَّا يَشغَلُ القَلبَ ويُذهِبُ كَمَالَ الخُشوعِ.

وهذه الكَراهةُ عندَ جُمهورِ أصحابِنا وغيرِهم إذا صلَّى كذلك، وفي الوقتِ سَعَةٌ، فإذا ضاقَ بحيثُ لو أكلَ أو تَطَهَّرَ خرَج وقتُ الصَّلاةِ صلَّى


(١) رَواه مُسلِم (٥٥٧).
(٢) رَواه مُسلِم (٥٦٠).
(٣) رَواه البخاري (٦٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>