للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أنَّ الإمامَينِ الحَصكَفيَّ وابنَ عابدِينَ -رحمهما الله- يَرَونَ أنَّ طلاقَهُ يقَعُ قَضاءً لا دِيانةً، فيُدَيَّنُ فيما بَينَه وبيْنَ اللهِ تعالَى، وإنْ كانَ الحَنفيَّةُ كالسُّغدِيِّ وابنِ نُجيمٍ وغَيرِهما أطلَقُوا وقالُوا يَقعُ، ولَم يُفرِّقُوا بيْنَ القَضاءِ والدِّيانةِ.

قالَ الحَصكَفيُّ في «الدُّر المُختَار»: (أو مُخطِئًا) بأنْ أرادَ التَّكلُّمَ بغَيرِ الطَّلاقِ فجرَى على لسانِه الطَّلاقُ، أو تَلفَّظَ بهِ غيرَ عالِمٍ بمِعناهُ، أو غافِلًا أو ساهِيًا أو بألفاظٍ مُصحَّفَةٍ، يَقعُ قَضاءً فقَطْ.

قالَ ابنُ عابدِينَ : قولُهُ: (أو غافِلًا أو ساهِيًا) في «المِصباح»: الغَفلَةُ: غَيبةُ الشَّيءِ عَنْ بالِ الإنسانِ وعَدمُ تَذكُّرِه لهُ.

وفيهِ أيضًا: سهَا عَنِ الشَّيءِ يَسهُو، غفَلَ قلبُه عنهُ حتَّى زالَ عنهُ فلَم يَتذكَّرْهُ.

وفرَّقُوا بيْنَ السَّاهِي والنَّاسِي بأنَّ الناسِيَ إذا ذُكِّرَ تَذكَّرَ، والسَّاهِي بخِلافِه. اه.

فالظَّاهِرُ أنَّ المُرادَ هُنا بالغافِلِ النَّاسِي، بقَرينَةِ عَطفِ السَّاهِي عَليهِ، وصُورَتُه: أنْ يُعلِّقَ طلاقَها على دُخولِ الدَّارِ مَثلًا فدَخَلَها ناسِيًا التَّعليقَ أو ساهِيًا.

قَولُه: (أو بألفاظٍ مُصحَّفَةٍ) نحوُ: «طَلاغٍ وتَلاغٍ وطَلاكٍ وتَلاكٍ»، كما يَذكُرُه أوَّلُ البابِ الآتي.

قَولُه: (يقَعُ قَضاءً) مُتعلِّقٌ بالمُخطِئِ وما بعْدَهُ ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>