للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ العُلماءَ قدِ اختَلَفوا في مَعناه:

قالَ النَّوويُّ : فالصَّحِيحُ الذي عليه المُحقِّقونَ والأكثَرونَ مِنْ أهلِ اللُّغةِ والغَريبِ والمُحَدِّثِينَ، وبه قالَ أصحابُنا في كُتُبِ المَذهبِ أنَّ المُختَصرَ هو الذي يُصلِّي ويَدُهُ على خاصِرَتِه (وهي مَوضِعُ الحِزامِ مِنْ جَنبِه)، وقالَ الهَرَويُّ: قيلَ: هو أن يَأخُذَ بيَدِه عَصًا يَتوَكَّأُ عليها، (وأنكَرَ هذا ابنُ العَربيِّ في شَرحِ التِّرمِذِيِّ فأبلَغَ)، وقيلَ: أن يَختَصرَ السُّورةَ فيَقرأَ مِنْ آخرِها آيَةً أو آيَتَينِ، وقيلَ: هو أن يَحذِفَ فلا يؤدِّيَ قيامَها ورُكوعَها وسُجودَها وحُدودَها، والصَّحِيحُ الأوَّلُ، قيلَ: نَهى عنه لأنَّه فِعلُ اليَهودِ، وقيلَ: فِعلُ الشَّيطانِ، وقيلَ: لأنَّ إبليس هَبَطَ مِنْ الجَنَّةِ كذلك، وقيلَ: لأنَّه فِعلُ المُتكَبِّرينَ (١).

ويُؤيِّدُ الأوَّلَ ما رَواهُ أبو داودَ عن زِيادِ بنِ صُبَيحٍ الحَنَفيِّ قالَ: صلَّيتُ إلى جَنبِ ابنِ عمرَ، فوَضَعتُ يَديَّ على خاصِرَتِي، فلمَّا صلَّى قالَ: هذا الصَّلبُ في الصَّلاةِ، وكانَ رَسولُ اللهِ يَنهَى عنه (٢).

قالَ ابنُ نُجَيمٍ في البَحرِ الرَّائِقِ: والذي يَظهرُ أنَّها -أي: الكَراهَةُ- تَحريميَّةٌ فيها -أي: الصَّلاةِ- لِلنَّهيِ المَذكورِ (٣).


(١) «شَرح مُسلِم» (٥/ ٣٢)، و «حاشية الدُّسوقي» (١/ ٢٥٤)، وقال في «المصباح»: الاختصار والتخصر في الصلاة وضع اليد على الخَصر، وهو وسط الإنسان، وهو المستَدَقُّ فوق الوَرِكَينِ. اه.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رَواه أبو داود (٩٠٣)، وأحمد في «المسند» (٢/ ١٠٦).
(٣) «البَحر الرائق» (٢/ ٢٢)، و «الدُّر المختار» (١/ ٦٤٢)، وابن عابدين (١/ ٦٤٣)، و «تبيين الحقائق» (١/ ١٦٢)، والطحطاوي (١/ ٢٣٥)، و «المجموع» (٤/ ١٠٨)، و «الذخيرة» (٢/ ١٥١)، و «فتح الباري» (٣/ ٨٩)، و «عُمدة القاري» (٧/ ٢٩٧)، و «عون المعبود» (٣/ ١٢٠)، و «تحفة الأَحوَذي» (٢/ ٤٢٣)، و «المغني» (٢/ ١٩١)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٧٢)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>