للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاءَ في «المُدوَّنَة الكُبرى»: وإنَّ عُقبةَ بنَ عامِرٍ الجُهَنيَّ كانَ يَقولُ: «لا يَجُوزُ طَلاقُ المُوسوسِ» (١).

وقالَ أبو الوَليدُ ابنُ رُشدٍ القُرطبيُّ : وقالَ في رَجُلٍ تُوسوِسُه نَفسُه فيَقولُ: «قدْ طَلَّقتُ امرأتِي» أو يَتكلَّمُ بالطَّلاقِ وهوَ لا يُريدُه أو يُشككه، فقالَ: يُضرِبُ عَنْ ذلكَ ويَقولُ للخَبيثِ -أي الشَّيطَانِ- صَدقْت، ولا شيءَ عَليهِ.

قالَ مُحمَّدُ بنُ رُشدٍ: هذا مِثلُ ما في «المُدوَّنة» أنَّ المُوسوِسَ لا يَلزَمُه طلاقٌ، وهوَ ممَّا لا اختِلافَ فيهِ؛ لأنَّ ذلكَ إنَّما هو مِنَ الشَّيطانِ، فيَنبغي أنْ يُلهَى عَنه ولا يُلتفَتَ إليهِ، كالمُستَنكحِ في الوُضوءِ والصَّلاةِ، فإنَّه إذا فعَلَ ذلكَ أَيْأَسَ الشَّيطانُ منهُ، فكانَ ذلكَ سَببًا لانقِطاعِه عنهُ إنْ شاءَ اللهُ (٢).

قالَ الإمامُ الموَّاقُ : وقالَ عِزُّ الدِّينِ: الوَسوسَةُ ليسَتْ مِنْ نَفْسِ الإنسانِ، وإنَّما هي صادِرةٌ مِنْ فِعلِ الشَّيطانِ، ولا إثمَ على الإنسانِ فيها؛ لأنَّها ليسَتْ مِنْ كَسْبِه وصُنعِه، ويَتوَّهمُ الإنسانُ أنَّها مِنْ نَفسِه لما كانَ الشَّيطانُ يُحدِّثُ بها القَلبَ ولا يُلقِيها إلى السَّمعِ، فيُوهَمُ الإنسانُ أنَّها صادِرةٌ منهُ، فيَتحرَّجُ لذلكَ ويَكرهُه.

وفي «لَطائِف المِنَنِ»: كانَ الشَّيخُ أبو العبَّاسِ يُلقِّنُ مَنْ بهِ وَسواسٌ:


(١) «المدونة الكبرى» (٥/ ٣٠).
(٢) «البيان والتحصيل» (٦/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>