للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُكْرٍ مُحرَّمٍ كالنَّومِ والإغماءِ والجُنونِ وشُربِ الدَّواءِ المُزيلِ للعَقلِ والمَرضِ لا يَقعُ طَلاقُه (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وسَواءٌ زالَ عَقلُه لجُنونٍ أو إغماءٍ أو نَومٍ أو شُربِ دَواءٍ أو إكراهٍ على شُربِ خَمرٍ أو شَرِبَ ما يُزيلُ عَقلَه شُربُه ولا يَعلمُ أنَّهُ مُزيلٌ للعَقلِ، فكُلُّ هذا يَمنعُ وقوعَ الطَّلاقِ رِوايةً وَاحدةً، ولا نَعلمُ فيهِ خِلافًا (٢).

أمَّا الحنفيَّةُ فقالَ الكاسانِيُّ : وإنْ كانَ سُكرُه بسَببٍ مُباحٍ لكنْ حصَلَ لهُ بهِ لذَّةٌ بأنْ شَربَ الخَمرَ مُكرهًا حتَّى سَكِرَ، أو شَربَها عندَ ضَرورةِ العطَشِ فسَكِرَ، قالُوا: إنَّ طلاقُه واقِعٌ أيضًا؛ لأنَّه وإنْ زالَ عَقلُه فإنَّما حصَلَ زَوالُ عَقلِه بلذَّةٍ، فيُجعَلُ قائِمًا، ويُلحَقُ الإكراهُ والاضطِرارُ بالعَدمِ، كأنَّه شَربَ طائِعًا حتَّى سَكِرَ.

وذكَرَ مُحمدٌ فيمَن شَربَ النَّبيذَ ولم يَزُلْ عَقلُه ولكنْ صُدِّعَ فزالَ عَقلُه بالصُّداعِ أنَّهُ لا يقَعُ طلاقُهُ؛ لأنَّهُ ما زالَ عَقلُه بمَعصيةٍ ولا بلذَّةٍ، فكانَ زائِلًا حَقيقةً وتَقديرًا، وكذلكَ إذا شَربَ البَنجَ أوِ الدَّواءَ الَّذي يُسكِرُ وزالَ عَقلُه لا يقعُ طلاقُه؛ لِمَا قُلنا (٣).


(١) «مطالب أولي النهى» (٥/ ٣٢١، ٣٢٢).
(٢) «المغني» (٧/ ٢٨٨).
(٣) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>