وَقعَتْ بها الأُولَى، فتَلزَمُه واحدةٌ، وإنْ كانَتْ غَيرَ مَدخولٍ بها بانَتْ بالأُولى ولم يَلزَمْها ما بَعدَها؛ لأنَّهُ ابتِداءُ كَلامٍ …
فأمَّا غَيرُ المَدخولِ بها فلا تُطلَّقُ إلَّا طَلقةً واحدَةً، سواءٌ نَوَى الإيقاعَ أو غَيرَه، وسَواءٌ قالَ ذلكَ مُنفصِلًا أو مُتَّصِلًا، وهذا قَولُ أبي بكر ابنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ الحارِثِ وعِكرمةَ والنَّخَعيِّ وحمَّادِ بنِ أبي سُليمانَ والحكَمِ والثَّوريِّ والشَّافعيِّ وأصحابِ الرَّأيِ وأبي عُبيدٍ وابنِ المُنذِرِ، وذكَرَهُ الحكَمُ عَنْ عليٍّ وزَيدِ بنِ ثابِتٍ وابنِ مَسعودٍ، وقالَ مالِكٌ والأوزاعيُّ واللَّيثُ: يقَعُ بها تَطليقَتانِ، وإنْ قالَ ذلكَ ثلاثًا طَلُقَتْ ثلاثًا إذا كانَ مُتَّصِلًا؛ لأنَّهُ طلَّقَ ثلاثًا بكَلامٍ مُتَّصلٍ، أشبَهَ قولَهُ: «أنتِ طالقٌ ثلاثًا».
ولنا: إنَّهُ طلاقٌ مُفرَّقٌ في غَيرِ المَدخولِ بها فلَم تقَعِ الأُولى، كما لو فَرَّقَ كَلامَهُ، ولأنَّ غَيرَ المَدخولِ بها تَبِينُ بطَلقةٍ؛ لأنَّهُ لا عِدَّةَ عَليها فتُصادِفُها الطَّلقةُ الثَّانيةُ بائنًا، فلَم يُمكِنْ وُقوعُ الطَّلاقِ بها؛ لأنَّها غَيرُ زوجةٍ، وإنَّما تَطلُقُ الزَّوجةُ، ولأنَّهُ قولُ مَنْ سَمَّينا مِنْ الصَّحابةِ، ولا نَعلمُ لهُم مُخالِفًا في عَصرِهم فيكونُ إجماعًا (١).
وذَهبَ المالكيَّةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا قالَ لغَيرِ المَدخولِ بها: «أنتِ طالِقٌ أنتِ طالِقٌ أنتِ طالِقٌ» بألفاظٍ مُتناسِقةٍ طُلِّقَتْ ثلاثًا؛ لأنَّ كلَّ زَوجٍ ملَكَ إيقاعَ الطَّلاقِ ثلاثًا عَليها بلفظٍ واحدٍ صحَّ أنْ يُوقِعَه بثلاثةِ ألفاظٍ مُتناسِقةٍ
(١) «المغني» (٧/ ٣٦٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute