للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الرُّحيبانِيُّ : (و) الحادي عشَرَ: (سُنَّةُ طلاقٍ)؛ لأنَّه في الحَيضِ بدعَةٌ مُحرَّمةٌ كما يأتي مُوضَّحًا في بابِه، (ما لَم تَسألْهُ) أي الحائِضُ (خُلعًا أو طلاقًا) فيُباحُ لهُ إجابتُها؛ لأنَّ المنْعَ لتَضرُّرِها بطُولِ العِدَّةِ، ومعَ سُؤالِها قد أَدخلَتِ الضَّررِ على نفْسِها، (ويَتَّجِهُ: ولو) كانَ سُؤالُها الزَّوجَ الخُلعَ أو الطَّلاقَ (بلا عِوضٍ، خِلافًا لهُمَا) -أي: «للإقناعِ والمُنتَهَى» - حَيثُ قيَّدَا سُؤالَها بالعِوضِ، وهو ضَعيفٌ، قالَ في «شَرْح الإقناعِ»: قُلتُ: ولَعلَّ اعتبارَ العِوضِ لأنَّها قَدْ تُظهِرُ خِلافَ ما تُبطِنُ، فبَذْلُ العِوضِ يَدلُّ على إرادةِ الحقيقَةِ (كما يأتي) في كِتابِ الطَّلاقِ مُفصَّلًا، (والعلَّةُ) الَّتي ذكَرَها الأصحابُ: أنَّ حُرمةَ الطَّلاقِ في الحَيضِ لحَقِّها، فأُبيحَ الطَّلاقُ بسُؤالِها مُطلَقًا بعِوضٍ وبدُونِه على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ، وعَليهِ الجُمهورُ؛ لأنَّها أَدخلَتِ الضَّررَ على نفْسِها بسُؤالِها ذلكَ، (تَقتضِيهِ) أي: تَقتَضِي جَوازَ الخُلعِ والطَّلاقِ بسُؤالِها ذلكَ بعِوضٍ وبِدونُه، وهوَ مُتَّجهٌ (١).

وذهَبَ المالكيَّةُ في المَشهورِ والشَّافعيةُ في الأصَحِّ إلى أنَّه لا يَجوزُ الطَّلاقُ في الحَيضِ ولَو رَضِيَتْ بهِ المرأةُ وسَألَتْه إيَّاهُ؛ للإطلاقِ في قَولهِ تعالَى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾، ولأنَّهُ لمَّا أَنكرَ الطَّلاقَ في الحَيضِ لَم يَستفصِلْ.

إلَّا أنَّ الإمامَ ابنَ حَجَرٍ الهَيتميَّ قالَ: قَولُه: (إنْ سَألَتْه لَم يَحرُمْ)


(١) «مطالب أولي النهى» (١/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>