للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزُّبيرِ أنهُما قالا في المُختلِعةِ يُطلِّقُها زَوجُها قالا: «لا يَلزمُها طلاقٌ؛ لأنه طلَّقَ ما لا يَملكُ»، وأنتَ تَزعمُ أنَّكَ لا تُخالفُ واحِدًا مِنْ أصحابِ النَّبيِّ إلَّا إلى قَولٍ مِثلِه، فخالَفْتَ ابنَ عبَّاسٍ وابنَ الزُّبيرِ معًا وآياتٍ مِنْ كِتابِ اللهِ تعالَى ما أدرِي لعلَّ أحَدًا لو قالَ مِثلَ قَولكِ هذا لَقُلتُ لهُ: ما يَحلُّ لكَ أنْ تَتكلَّمَ في العِلمِ وأنتَ تَجهلُ أحكامَ اللهِ، ثمَّ قلْتَ فيها قَولًا لو تَخاطَأْتَ فقُلتَه كنتَ قد أحسَنْتَ الخطَأَ وأنتَ تَنسبُ نفْسَكَ إلى النَّظرِ، قالَ: وما هذا القَولُ؟ قُلتُ: زعمْتَ أنه إنْ قالَ للمُختلِعةِ: «أنتِ بَتَّةٌ، وبَرِيَّةٌ، وخلِّيةٌ» يَنوي الطَّلاقَ لم يَلزمْها الطَّلاقُ، وهذا يَلزمُ الزَّوجةَ، وأنه إنْ آلَى مِنها أو تَظاهرَ أو قذَفَها لم يَلزمْها ما يَلزمُ الزَّوجةَ، وأنه إنْ قالَ: «كلُّ امرَأةٍ لهُ طالقٌ» ولا يَنوِيها ولا غيْرَها طُلِّقَ نِساؤُه ولم تَطلُقْ هي؛ لأنها ليسَتْ بامرَأةٍ لهُ، ثمَّ قُلتَ: وإنْ قالَ لها: «أنتِ طالِقٌ» طَلُقتْ، فكيفَ يُطلِّقُ غيرَ امرَأتَه؟! (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ عَبدِ البَرِّ : المُختلِعةُ لا يَلحقُها طَلاقٌ ولا ظِهارٌ ولا إيلاءٌ ولا لِعانٌ؛ لأنَّه لَم يَجعلْ لها سُكنى ولا نَفقةً، ولا يَتوارثانِ، وجعَلَها بخِلافِ الرَّجعيةِ.

وقولُ أبي حَنيفةَ: «إنها يَلحقُها الطَّلاقُ» خِلافُ أقاوِيلِ الفُقهاءِ (٢).


(١) «الأم» (٥/ ١١٥).
(٢) «التمهيد» (٢٣/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>