للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصفَّقَ النَّاسُ، وكانَ أَبو بَكرٍ لا يَلتَفِتُ في صَلاتِه، فلمَّا أكثرَ النَّاسُ التَّصفيقَ التَفَتَ، فرَأى رَسولَ اللهِ ، فأشارَ إليه رَسولُ اللهِ أنِ امكُث مَكانَكَ، فرفعَ أَبو بَكرٍ يَديهِ، فحَمِدَ اللهَ على ما أمرَه به رَسولُ اللهِ مِنْ ذلك، ثم استَأخرَ أَبو بَكرٍ حتى استَوَى في الصَّفِّ وتَقدَّم رَسولُ اللهِ فصلَّى، فلمَّا انصَرفَ قالَ: «يا أَبا بَكرٍ، ما منعَكَ أَنْ تَثبُتَ إِذْ أَمَرتُكَ؟» فقالَ أَبو بَكرٍ: ما كانَ لابنِ أبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصلِّيَ بينَ يَدي رَسولِ اللهِ (١).


(١) رواه البخاري (٦٥٢)، ومسلم (٤٢١) لكن قد يُجاب عن هذا الدليل بما ورد عن أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ أيضًا، فرَوى البخاري (٦٥١) من حَديثِ عائشةَ قالت: «أَمَرَ رسولُ اللهِ أَبَا بَكرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ في مَرَضِهِ، فَكَانَ يُصَلِّي بِهِم، قال عُروَةُ: فَوَجَدَ رسولُ اللهِ في نَفسِهِ خِفَّةً، فَخَرَجَ، فإذا أبو بَكرٍ يَؤُمُّ الناسَ، فلما رَآهُ أبو بَكرٍ استَأخَرَ، فَأَشَارَ إليه أَنْ كما أنتَ، فَجَلَسَ رسولُ اللهِ حِذَاءَ أبي بَكرٍ إلى جَنبِهِ، فَكَانَ أبو بَكرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ رسولِ اللهِ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أبي بَكرٍ». فهذا أبو بكرٍ نَفسُه قد امتَثَلَ أمرَ النَّبيِّ، فهل يَعني ذلك أنه قد تَرَكَ الأدَبَ ههنا، أو ماذا؟
وقالَ فضيلة الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي حفظه الله: يَقُول الإمام الطَّحطاوي : [وسيدُ المرسلينَ] أي: ونقول: إنَّه خاتمُ الأنبياءِ وإمامُ الأتقياءِ وسيدُ المرسلينَ، وعلى ذلك علَّقَ المُصنِّفُ بذِكر هذه الأحاديث الصحيحة التي ورد فيها إثبات هذه الصفة للنَّبيِّ ، ومنها الحديث الصحيح المعروف: «أنا سيِّدُ ولدِ آدم يَومَ القِيامةِ، وأوَّلُ مَنْ يَنشَقُّ عنه القَبرُ، وأوَّلُ شافِعٍ وأوَّلُ مُشَفَّعٍ».
الكلام على إضافة كلمة: «سيِّدنا» للرسولِ ، وكونُ النَّبيِّ هو سيِّدَ وَلدِ آدم، لا غبارَ عليه، ولا إشكالَ فيه، وإنما الشُّبهة التي تُثار وخُصوصًا عند المتأخِّرينَ حولَ إطلاق كلمة: «سيِّدنا» على رَسولِ اللهِ ، فيرى بعضهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>