للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : أجمَعَ العُلماءُ على إجازَةِ الخُلعِ بالصَّداقِ الَّذي أصدَقَها إذا لم يَكنْ مُضرًّا بها وخافَا ألَّا يُقيمَا حُدودَ اللهِ (١).

لكنَّ اللَّائقَ بحالِ المُسلمِ أنْ يأخُذَ ناقِصًا مِنْ المَهرِ حتَّى لا يَخلوَ الوطءُ عن المالِ (٢).

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا فيما لو خالَعَها على أكثَرَ مِنْ مَهرِها، هل يَجوزُ مُطلَقًا مِنْ غيرِ كَراهةٍ؟ أم يجوزُ معَ الكَراهةِ؟ أم لا يَجوزُ ويَجبُ عليهِ ردُّ الزِّيادةِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحنفيَّةُ في قَولٍ والمالكيَّةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ في المذهَبِ إلى أنَّه يَجوزُ الخلعُ بقَليلِ المالِ وكَثيرِه وبأكثرَ مِنْ الصَّداقِ وبمالِها كلِّه إذا كانَ ذلكَ مِنْ قِبَلِها؛ لقَولِ اللهِ ﷿: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] فعَمَّ، ولأنَّه عِوضٌ يَصحُّ تَمليكُه فجازَ الخُلعُ عليهِ كالصَّداقِ.

قالَ الإمامُ مالِكٌ : لم أزَلْ أسمَعُ إجازةَ الفِديةِ بأكثرَ مِنْ الصَّداقِ، لكنْ ليسَ مِنْ مكارِمِ الأخلاقِ، ولم أرَ أحَدًا مِنْ أهلِ العِلمِ يَكرهُ ذلكَ.

قالَ: فإذا كانَ النُّشوزُ مِنْ قِبَلِها جازَ للزَّوجِ ما أخَذَ منها بالخُلعِ وإنْ كانَ أكثَرَ مِنْ الصَّداقِ إذا رَضيَتْ بذلكَ وكانَ لم يَضرَّ بهَا، فإنْ كانَ لخَوفِ ضرَرِه


(١) «التمهيد» (٢٣/ ٣٦٨).
(٢) «مجمع الأنهر» (٢/ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>