قال أبو الحسن: وإذا سبق الرجلَ الحدثُ في الصلاة، إمامًا كان أو مأمومًا، انصرف فتوضَّأ وبنى على صلاته إن أحب، ما لم يحدث شيئًا يفسد الصلاة [لو لم يكن أحدث]؛ إلّا أن يكون معنًى لابد له منه كالمشي إلى وضوئه، والاغتراف من الإناء، فإن استسقى ماءً لوضوئه، أو تكلَّم، أو طعم، أو شرب، أو فعل شيئًا من سائر الأفعال التي توجب فساد الصلاة غير ما استثني مما لا بد له منه، فصلاته فاسدة.
وقد كان القياس عندنا: ألا يجوز البناء؛ لأن الصلاة لا يجوز فعلها إلا بطهارة، والحدث أبطل الطهارة، فبطلت الصلاة ببطلانها؛ ولأنه يمشي في صلاته، ويستدبر القبلة من غير ضرورة، وهذا مما لا يجوز.
إلا أنهم استحسنوا لِمَا روي عن النبي ﷺ أنه قال:"من قاء في صلاته، أو رعف، فلينصرف وليتوضَّأ وليَبْنِ على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم"(١).
وروي البِنَاء مع الحدث عن أبي بكر، وعمر، وعَلِيّ؛ ولأنه حدث موجبه الوضوء طرأ على صلاته، يعني: فعل الحدث، فلم ينف البناء، كدم المستحاضة.
وإنما شرط أن لا يفعل فعلًا ينافي الصلاة إلا ما لابد [له] منه؛ لقوله ﵊:
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (٣٦١٨)، والدارقطني في "سننه" (٥٧٠، ٥٧٢)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (١١٧٨).