للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب من الإكراهِ على الإقرارِ بالحدودِ

قال: ولو أنّ رجلًا أكرهه سلطانٌ بِضربٍ أو تهديدٍ بذلك، أو بحبسٍ أو قيدٍ حتى يقرّ على نفسه بحدٍّ، أو قصاصٍ، أو بغير ذلك، فإنّ هذا كلّه باطلٌ، لا يؤخذ منه شيءٌ؛ وذلك لأنّ الإقرارَ خبرٌ يحتمل الصدق والكذب، وإنّما يُحمل على الصدق لحسن الظنّ بالمقِرّ، فإذا كان مكرَهًا زال حُسن الظنّ به، فبقي الاحتمال، فلم يجز إلزامه بما أقرّ به؛ ولأنّ الحدود تسقط بالشبهة، فإكراهه على الإقرار شبهةٌ.

قال: فإن أكرهه حتى أقرّ ثمّ خلّى سبيله، ثمّ أُخذ بعد ذلك فجيء به، فأقرّ بما كان قد تهدّد عليه بغير إكراهٍ إقرارًا مستقبلًا، أُخذ بذلك؛ وذلك لأنّ المكرَه إذا خُلّي وزال يد المكره عنه حتى صار لا يقدر عليه، فقد انقطع حكم التهديد الأوّل، فإذا عاد إليه أو أُخذ (١) فأقرّ، فقد أقرّ بغير إكراهٍ، فيلزمه ما أقرّ به، وليس كذلك إذا لم يخلّه، ولكن قال له: إنّي لا آخذك بإقرارك، فإن شئت فأقرّ، وإن شئت فلا تقرّ، فأقرّ وهو في يده على حاله لم يجز الإقرار؛ لأنّ اليد ما دامت باقية عليه، فحكم الوعيد لم يسقط عنه، فهو وإن قال له: إن شئت فأقرّ، وإن شئت فلا [تقرّ]، [فهو] (٢) باقٍ على حكم الإكراه الأوّل، فلا ينفذ إقراره (٣).


(١) (أو أخذ) سقطت من ب.
(٢) في أ (صار)، والمثبت من ب، وهو أليق بالسياق.
(٣) انظر: البدائع ٧/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>