قال الشيخ أبو الحسن رحمه الله تعالى: لا يجوزُ تصرُّف المشتري في البيع الفاسد قبل القبض ببيع ولا هبة ولا صدقة ولا عتق، وكذلك إذا قبض بغير إذن البائع؛ وهذا لما قدمَّنا أن العقد الفاسد لا يملك المعقود عليه، فإذا تصرَّف في غير ملكه لم ينفذ تصرُّفه، فأما إذا قبض بغير إذنه لم يجز تصرُّفه على الرواية التي تعتبر للإذن في القبض؛ لأن القبض بغير الإذن لا يملك به على هذه الرواية.
فأمَّا إذا قبضه بأمر البائع وهو ممَّا يُملك فيه؛ فإنَّه يكره للمشتري التصرُّف فيه بتمليك أو انتفاع؛ لأنَّ الفسخ يستحق فيه لحق الله تعالى، والتصرُّف إسقاط حقِّ الله تعالى من الفسخ؛ ولأنَّ التصرُّف تقرير للبيع الفاسد، وتقريره لا يجوز لحق الله تعالى.
فإن تصرَّف المشتري فيه، فتصرُّفه على وجهين: كل ما لا يفسخ بالأعذار فهو جائز، وقد سقط الفسخُ به، وهذا مثل العتق والتدبير والاستيلاد وإذا أخرجه من ملكه بما يفسخ بالأعذار، فإنَّه لا يسقط الفسخ، مثل الإجارة؛ وذلك لأنَّ المشتري تصرَّف فيما ملك، وحق البائع في الفسخ عُذر، فيما لا يُفسخ بالعذر ولا يُفسخ لأجل الفَساد، وأما الإجارة فإنَّها تُفسخ بالأعذار، وثبوت حق البائع في الفسخ عُذرٌ، فيفسخ الإجارة وينقض البيع الفاسد.
فإن كانت جَارية فزوّجها فإنَّ ذلك لا يمنع الفسخ، والنكاح بحاله لا