قال أبو الحسن: وإذا كان لرجل على رجل آخر ألف درهم فرهنه بها جارية، فلما حلَّ المال أراد صاحب المال قبض ماله من الراهن، فأبى الراهن أن يدفع المال حتى يحضر المرتهن الجارية، فذلك للراهن، ويقال للمرتهن: أحضر الرهن، فإذا أحضره قيل للراهن: سَلِّم الدين أولًا ثم اقبض الجارية، وهذا بمنزلة البيع.
قال: والأصل في هذا أن تسليم الدين يجب تقديمه على تسليم الرهن؛ لأن الرهن وثيقة للاستيفاء، فلو سلمناه قبل الاستيفاء بطل معنى الوثيقة المقصودة منه؛ ولأن من حق المرتهن أن يكون أولى بالرهن من سائر الغرماء، فإذا سَلَّم الرهن جاز أن يموت الراهن في الحال، فيصير المرتهن أسوة الغرماء، وفي هذا إبطال حقه، إلا أن الراهن لا يلزمه تسليم الدين إلا بعد إحضار الرهن؛؛ لأنه يجوز أنه قد هلك وسقط الدين ولا يتعين وجوب تسليم الدين إلا بعد إحضار الرهن، ولأنّ الراهن إذا دفع الدين وجب أن يقبض الرهن، فإذا لم يكن حاضرًا تأخر حقه، وهذا لا يصح.
وعلى هذا قال أصحابنا في البيع: إن المشتري يلزمه تسليم الثمن أولًا، إلا أنه لا يسلمه حتى يحضر [البائع] المبيع؛ لجواز أن يكون قد هلك وسقط الثمن، ولجواز أن يكون دخله عيب يثبت للمشتري الخيار.