للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا يدل على أنه لم ينزل على طائفة ثالثة، ولم يذكر الله تعالى ذلك، ولِما روي أن عمر بن الخطاب قال ما أصنع بالطائفة الذين ليسوا من أهل الكتاب، فقال عبد الرحمن بن عوف سمعت رسول الله يقول: "سُنُّوا بهم سُنَّةَ أهل الكتاب" (١)، وهذا يدل على أنه لا كتاب لهم، والذي روي عن علي أنه قال: "كان لهم كتاب فأصبحوا وقد رفع عنهم فنسوا" (٢)، ولو ثبت لدل على ما قلنا؛ لأنهم لما نسوه خرجوا من أن يكونوا من أهله.

فأما الصَّابئات فقال أبو حنيفة: يجوز نكاحهن، وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز وهذا ليس باختلاف في الحقيقة، وإنما هو لاشتباه مذهبهم فحمل أبو حنيفة أمرهم على أنهم يؤمنون بكتاب ويعظمون الكواكب كتعظيم المسلمين القبلة، فمخالفتهم لأهل الكتاب في بعض دينهم لا يمنع مناكحتهم، ألا ترى أن عليًا قال في بني تغلب (أنهم لم يوافقوا النصارى إلا في شرب الخمر وأكل الخنزير)، ولم يمنع ذلك من جريان أحكام النصارى عليهم.

وأما أبو يوسف ومحمد: فحملا تعظيمهم الكواكب على عبادتها، وعابد الكواكب كعابد الوثن، فلا يجوز مناكحتهم (٣).

١٤٥٤ - فَصْل: [أنكحة الكفار بعضهم لبعض]

وأنكحة الكفار بعضهم لبعض جائزة، وقال مالك: أنكحتهم فاسدة (٤).

لنا: قوله تعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ﴾ [المسد: ٤] فلو كان نكاحهم


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى، ٧/ ١٧٢؛ ومالك في الموطأ (٦١٦)؛ انظر: التلخيص الحبير، ٣/ ١٧١.
(٢) "رواه أبو يعلى، وفيه أبو سعد البقال، وهو متروك". كما ذكر الهيثمي في المجمع، ٦/ ١٢.
(٣) انظر: شرح مختصر الطحاوي ٤/ ٣٣٤ وما بعدها؛ التجريد ٩/ ٤٤٨٥ وما بعدها.
(٤) انظر: المدونة ٣/ ٢١١؛ المعونة ٢/ ٨٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>