قال أبو الحسن (١): إذا قال الرجل لآخر: بعتك عبدي هَذَا بألف درهم، فقال المشتري: قد قبلت؛ فقد وقعَ العقدُ وصحَّ.
والأصل في هذا: أنَّ البيع لا ينعقدُ عندنا إلا بلفظين يُعبَّر بكل واحدٍ منهما عن الماضي، فأما إذا ذكر لفظين فعبَّر بهما عن المُستقبل، أو بأحدهما عن الماضي، لم ينعقد العقدُ.
فالأوَّل: أن يقول البائع: بعتك، ويقول المشتري: ابتعت أو اشتريت، وكذلك كلُّ لفظ يقوم مقام هذا، مثل: أخذْت وقَبلتُ.
والثاني: إذا قال: أبيعك، أو قال المُشتري: بعني، وقد عبَّر عنه أبو الحسن في الجامع فقال: إذا أخرج اللفظ مخرَج الأمر لم ينعقد به البيع، وإن أخرجه مخرجَ الخبر عن الماضي انعقد، وهذا هو القياس عندهم في النكاح.
وإنما استحسنوا فقالوا: ينعقد النكاحُ بلفظين يُعبَّر بأحدهما عن المُستقبل، مثل أن يقول: زوِّجني! فيقول الولي: زوَّجتُك. وقال الشافعي: ينعقد البيع أيضًا بمثل ذلك، إذا قال المشتري: بعني، فقال البائع: بعتك.
والدليل على ما قلناه: أنَّ البيع يحضره المساومة والإيجابُ، وألفاظ
(١) هذا الباب كان في نسخة الأصل بعد (باب الربا)، وتقدم عليه (باب الربا)، ويبدو أنه من تصرف الناسخ، حيث جاءت الأبواب على الترتيب المثبت بين يديك في باقي النسخ، فقُدِّم لأجل ذلك (باب اللفظ … )، وأُخِّر (باب الربا).