للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب الصلح من الحقوق التي ليست بمالٍ

قال: وإذا وجب لرجل على رجل قصَاصٌ في نفسٍ أو فيما دونها، وصالح صاحب الحق من ذلك على مال، فذلك جائز قليلًا كانَ المال أو كثيرًا، كان ذلك دون دية النفس أو أرش الجراحة أو أكثر، فهو حَالٌّ في مال الجاني، ولا يكون ذلك في مال العاقلة.

والأصل في جَوازِ الصلح من دم العمد قوله تعالى: ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ١٧٨].

ولأن دم العمد حق يجوز أن يفضي إلى مال؛ بدلالة أنه لو دخلته شبهة انتقل مالًا، فجاز الصلح منه على مال، كالرد بالعيب.

وإنما جاز الصلح على مقدار الدية وما زاد عليها؛ لأن الحق ليس بمال فيقدر العوض عنه، فإنما هو عقوبة، والعوض عنه لا يتقدر.

وليس هذا كقتل الخطأ أن الصلح عنه لا يجوز بأكثر من الدية؛ لأن الواجب بقتل الخطأ الدية، وقد بينا أن المال لا يجوز أن يصالح عنه بأكثر [منه] من جنسه.

وإنما كان البدل في الصلح حالًا؛ لأنه مال وجب بالعقد، وكل مال وجب بالعقد فهو حال، إلا أن يشترط فيه التأجيل، كعقد البيع، فلا يلزم ذلك العاقلة؛ لأنه وجب بعقد القاتل، فكان عليه؛ ولأن العاقلة لا تتحمل ما يجب بالعمد،

<<  <  ج: ص:  >  >>