للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَاب الإقرارِ بكذا، لا بل بكذا

قال أبو حنيفة (١): إذا أقرّ الرجل أنّ لفلانٍ عليه ألف درهمٍ، لا بل ألفين، فعليه ألفا درهم، وكان ينبغي في القياس أن يكون عليه ثلاثة آلاف، ولكنّا تركنا القياس، وهو قول أبي يوسف ومحمدٍ.

وجه القياس: أنّه أقرّ بألفٍ ثم رجع عنها؛ لأنّ "لا" للرجوع، ثم استدرك الإقرار بألفين؛ لأنّ "بل" للاستدراك، ورجوعه لا يُقبَل، واستدراكه مقبولٌ [منه] على نفسه، فيلزمه المالان، كما لو قال: لفلانٍ علي ألفٌ، لا بل مائة دينارٍ.

ووجه الاستحسان: أنّ الإقرار خبرٌ، والخبر قد يقع فيه الغلط، [وهو غير متهمٍ]، فإذا قال: ألفٌ لا بل ألفان، فالظاهر أنّه استدرك الزيادة على نفسه، وهو غير متّهمٍ؛ لأنّه ألزم نفسه أكثر ممّا أقر به أولًا، فكان الظاهر أنّه استدرك الزيادة، فيُقبَل إقراره (٢) فيها.

وليس كذلك إذا قال: أنتِ طالقٌ واحدةً، لا بل اثنتين؛ لأنّ الطلاق وإن كان لفظه لفظ الخبر، فهو إيقاعٌ في الشرع، والمُوقَع يستحيل أن يوقَع ثانيًا، فرجوعه عن الموقَع الأول لا يُقبَل، وإيقاعه للثاني يلزمه.

فأمّا الإقرار فهو خبرٌ، والمُخبَر عنه قد يخبَر عنه ثانيًا وثالثًا، فوِزَان الإقرار من الطلاق أن يقول: كنت قد طلقت امرأتي واحدةً، لا بل اثنتين، فيُصدّق في


(١) في ب (ابن سماعة).
(٢) في ب (قوله).

<<  <  ج: ص:  >  >>