قال أبو الحسن: إذا حلف الرجل لا يسكن هذه الدار [قال]: فالسكنى أن يسكنها بنفسه، وينقل إليها من متاعه ما يتأثث به ويستعمله في منزله، فإذا فعل ذلك فهو ساكن، وهو حانث [في يمينه]؛ وذلك لأن السكنى هي للكون في المكان على طريق الاستقرار والمداومة، وذلك يكون بما يسكن به في العادة، ألا ترى أن من جلس في المسجد وبات فيه لم يكن ساكنًا للمسجد، ولو أقام فيه بما يتأثث به وصف بسكنى المسجد، فوجب اعتبار ذلك في اليمين.
قال: وإن كان فيها ساكنًا وحلف لا يسكن فيها، فإنه لا يَبَرُّ حتى ينتقل عنها بنفسه وأهله وولده الذين معه، ومتاعه، ومن كان يأويها لخدمته والقيام بأمره في منزله، فإن لم يفعل ذلك و [لم] يأخذ في النقلة من ساعته وهي ممكنة، حنث.
والكلام في هذا في فصلين: أحدهما: أنه إذا حلف لا يسكن فانتقل بأهله ومتاعه في الحال، لم يحنث، وقال زفر: يحنث.
وعلى هذا الخلاف، إذا حلف الراكب [أن لا يركب]، فنزل في الحال، وإذا حلف اللابس أن لا يلبس فنزع في الحال.
وجه قولهم: أن اليمين تعقد على ما يمكن الاحتراز منه، ولا تعقد على ما لا يمكن الاحتراز منه، ألا ترى أن الإنسان يحلف ليبر لا ليحنث، ومعلوم أن ما بين الحلف والنزول والانتقال لا يمكن الاحتراز منه، فكانت اليمين على ما سواه.