ثم اختلف أبو يوسف ومحمد، فقال أبو يوسف: يجبُ على المشتري قيمتها يوم العقد؛ لأنَّها صارت مضمونة بالعقد، فاعتبر قيمتها عند الضمان كالغصب، وقال محمد: قيمتها آخر ما ترك الناس المعاملة بها؛ لأنَّ تسليمها تعذَّر إذ ذاك، فصار من كانت في ذمَّته كالمستهلك لها حينئذٍ.
١١٦٦ - فَصْل:[ما لا يجوز أن يكون ثمنًا]
قال أبو الحسن: وما لا يُكال ولا يوزن لا يجوز أن يكون ثمنًا دينًا إلا الثياب خاصَّة إذا وصفت وضُرب لها أجل، فإنَّها تكونُ ثمنًا، ويجوز البيع استحسانًا، وهذا إنما يريد به أنها تثبت أبدالًا في الذمَّة في عقد السلم، فأمَّا أن تكون ثمنًا في الحقيقة فلا، ألا ترى أن الثمن ليسَ من شرطه التأجيل، والثياب لا تثبت في الذمَّة إلا مؤجَّلة.
فوجهُ القياس: أن مستهلكها لا يلزمه أمثالها، فصار كالحيوان
وجهُ الاستحسان ما بيَّناه في جواز السلم فيها.
وإنما شرط في ثبوتها في الذمَّة الأجل أن تكون مؤجلة؛ لأنها لا تثبت بأنفسها بدلالة الاستهلاك، فلا بد من التأجيل حتى يصير في حكم المسلم فيه.
١١٦٧ - فَصْل:[ذكر مكان التسليم في الأثمان]
وما ذكر أبو الحسن: من ثبوت الأثمان التي هي المكيل والموزون في الذمَّة فلا بدَّ فيها عند أبي حنيفة من ذكر مكان تسليمها (١)، كما قال في السلم.