قال أبو الحسن ﵀: طلاق الصريح كله رجعي إذا كانت واحدة أو اثنتين، والكنايات كلها بوائن إلا قوله: اعْتَدِّيْ، واسْتَبْرِئِي رَحِمَكِ، وأنت واحدة.
قال الشيخ ﵀: وجملة هذا أن الطلاق على ضربين: رجعي وبائن، فصريح الطلاق كله رجعي، وكذلك ما جرى مجرى الصريح، والكنايات كلها بوائن.
فأما الصريح فقوله: أنت طالق، وأنت الطلاق، وإنما قلنا: إنه صريح؛ لأن العرف قد جرى باستعماله في هذا المعنى، والصريح إنما يرجع فيه إلى الاستعمال، ولأنه يختص بالزوجات ولا يستعمل في غيرهن فدل على أنه صريح، ومن حكمه أن يقع به الطلاق من غير نيةٍ؛ لقوله تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] ولم يُفَصِّل؛ ولأن ابن عمر طلق امرأته في حال الحيض فأمره النبي ﵊ بمراجعتها، ولم يسأله هل نوى الطلاق أو لم ينوه، ولأن النية يحتاج إليها في اللفظ المستعمل في شيئين؛ لينصرف بها عن أحدهما إلى الآخر، وقد بينا أن الطلاق لا يستعمل في غير الزوجات فلا يحتاج إلى النية.
وقد قال أصحابنا: إذا قال لها: أنت طالق، وقال: أردت به طلاقًا عن وثاق، لم يصدق في القضاء، ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنه صرف الكلام عن ظاهره فلا يصدقه الحاكم، وكذلك لا يسع المرأة أن تصدقه، وهو مصدق فيما بينه