وكرهوا ماء البحر؛ ولأن الغسل أحد نوعي الطهارة، فجاز أن يكون فيها بدل كالمسح؛ ولأن ما جاز أن يثبت فيه الطهارة من الأعضاء، جاز أن يثبت به بدلها، كالوجه واليدين.
وأما الرواية التي قال بالجمع بينهما: وهو قول محمد؛ فلأن الخبر يقتضي وجوب التوضؤ به، وقوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾ [المائدة: ٦] يقتضي وجوب التيمم، فجمعنا بينهما احتياطًا للصلاة.
وأما وجه قوله الأخير وهو قول أبي يوسف؛ لأن الوضوء [بنبيذ التمر](١) كان بمكة، وآية التيمم نزلت بالمدينة، فنسخت ذلك؛ ولأنه مائع غلب عليه غيره، كنبيذ الزبيب.
٢٢٦ - فَصْل:[الوضوء بنبيذ الزبيب]
وأما نبيذ الزبيب، فلا يجوز الوضوء به، وقال الحسن بن حي، والأوزاعي: يتوضأ بجميع الأنبذة الطاهرة وبالخل.
لنا: أن القياس يمنع من جواز الوضوء بغير الماء؛ لأنه مائع غلب عليه غيره، كالمرق وماء الباقلاء، وإنما تركنا القياس في قول أبي حنيفة للخبر، فما سوى ذلك -غير نبيذ التمر الذي ورد فيه القياس- مبقي على أصل القياس؛ ولأنه مائع لم يسمّ طهورًا في الشريعة، كماء الباقلاء.
٢٢٧ - فَصْل:[ما يجوز الوضوء به من النبيذ]
وأما النبيذ الذي قاله أبو حنيفة أنه يتوضأ به، فكان أبو طاهر الدباس يقول:
(١) في أ (بالنبيذ) والمثبت من ب، والسياق يدل عليه.