للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابْ: الرجل يحلف بما لا يقدر على فعله

قال الشيخ رحمه الله تعالى: الأصل في هذا الباب: أن اليمين عَقْدٌ من العقود، والعقد ينعقد إذا كان المعقود عليه موجودًا أو متوهمًا، فإذا لم يكن موجودًا ولا متوهمًا لم ينعقد، ألا ترى أن بيع الأعيان المباحة جائز منعقد؛ لأن المعقود عليه موجود، وبيع المدبَّر منعقد؛ لأن المعقود عليه متوهم دخوله في العقد إذا حكم الحاكم بجوازه، وإن كان ذلك بغير فعل العاقد، وبيع الربح ليس بمنعقد؛ لأن المعقود عليه لا يتوهم دخوله في العقد.

وكذلك اليمين تنعقد على الفعل المقدور عليه، والذي يتوهم دخوله تحت القدرة، ولا ينعقد على ما ليس بمقدور ولا متوهم، ألا ترى أن اليمين إنما تنعقد ليبر فيها أو يحنث، وما لا يقدر عليه لا يتصور فيه الأمران.

وإذا ثبت هذا قال أبو حنيفة ومحمد وزفر: فيمن حلف ليَشْرَبَنَّ الماء الذي في هذا الكوز ولا ماء فيه، فإنه لا يحنث؛ وذلك لأنه ليس هناك معقود عليه موجود ولا متوهم، فلا يتناوله اليمين فلم تنعقد، ولأنه لا يتصور فيها ترقب البر والحنث، فلم تنعقد، كاليمين على الماضي، وليس هذا كمن حلف ليصعدن السماء أو ليلمسنها (١) أو ليَقْلِبَنَّ الحجر ذهبًا؛ لأن هذه الأفعال متوهم وجودها، ألا ترى أنها تدخل تحت قدرة قادر، وقد صعد الأنبياء إلى السماء، والملائكة


(١) في أ (ليمسنّها).

<<  <  ج: ص:  >  >>