للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(أن النبي قال لسودة: "اعتدي"، فناشدته أن يراجعها لتجعل يومها لعائشة حتى تحشر في جملة أزواجه، فراجعها وردّ عليها يومها) (١)؛ وأما قوله: استبرئي رحمك، فهو تفسير لقوله: اعتدي، فيفيد ما يفيده؛ وقوله: أنت واحدة، صفة لقوله: أنت طالق، ألا ترى أنه يقال: أنت طالق واحدة، ولا يقال: أنت بائن واحدة، فإذا كان صفة لصريح الطلاق وقع به ما يقع بالصريح، وإنما قلنا: إنه يفتقر إلى نية لأنه يحتمل الطلاق وغيره، ألا ترى أنه يقول: اعتدي بنعمتي عليك، واستبرئي رحمك لأطلقك، وأنت واحدة قومك، أو واحدة في الشرف، وما احتمل الطلاق وغيره، لم يحمل على الطلاق إلا بدليل، وإن نوى بهذه الألفاظ الثلاث لم يقع؛ لأنها في حكم الصريح، فصار كقوله: أنت طالق، ولأنه لما وقع بها طلاق رجعي صار كقوله: أنت طالق واحدة، ولا شبهة في ذلك لاستحالة أن يفسر قوله: طالق واحدة بالثلاث، فلا يجوز أن ينويه.

١٦١٩ - [فَصْل: السراح والفراق من الكناية]

وقد قال أصحابنا في السراح والفراق: أنه كناية، وقال الشافعي: صريح (٢).

لنا: أنه يستعمل في الطلاق وغيره على وجه واحد، يقال: سَرَّحْت إبلي وفارقت صديقي، والصريح ما اختص في الاستعمال، ولأن ما جاز أن يقع به الثلاث لم يكن صريحًا كالبائن، وأما الطلاق البائن فهو على ضروب:

أحدها: أن يصف صريح الطلاق بالبينونة.

والثاني: أن يوقع بلفظ يقتضي البينونة أو يجعل إليها الطلاق بلفظ يقتضي


(١) أخرجه الترمذي (٣٠٤٠)؛ وقال: "حديث حسن غريب"، والبيهقي في الكبرى، ٧/ ٢٩٧.
(٢) انظر: المنهاج ص ٤١٣؛ رحمة الأمة ص ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>